فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ} (81)

ثم وصف ربّ العالمين بقوله : { الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } أي فهو يرشدني إلى مصالح الدين والدنيا . وقيل إن الموصول مبتدأ ، وما بعده خبره ، والأوّل أولى . ويجوز أن يكون الموصول بدلاً من ربّ ، وأن يكون عطف بيان له ، وأن يكون منصوباً على المدح بتقدير : أعني أو أمدح ، وقد وصف الخليل ربه بما يستحق العبادة لأجله ، فإن الخلق والهداية والرزق يدلّ عليه قوله : { والذي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } . ودفع ضرّ المرض ، وجلب نفع الشفاء ، والإماتة ، والإحياء ، والمغفرة للذنب ، كلها نعم يجب على المنعم عليه ببعضها فضلاً عن كلها أن يشكر المنعم بجميع أنواع الشكر التي أعلاها ، وأولاها العبادة ، ودخول هذه الضمائر في صدور هذه الجمل للدلالة على أنه الفاعل لذلك دون غيره ، وأسند المرض إلى نفسه دون غيره من هذه الأفعال المذكورة رعاية للأدب مع الربّ ، وإلاّ فالمرض وغيره من الله سبحانه ، ومراده بقوله : { ثُمَّ يُحْيِينِ } البعث ، وحذف الياء من هذه الأفعال لكونها رؤوس الآي . وقرأ ابن أبي إسحاق هذه الأفعال كلها بإثبات الياء .