النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ} (81)

ثم قال : { وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يَحْيِينِ } وهذا قوله استدلالاً ولم يقله احتجاجاً لأنهم خالفوه فيه فبيّن لهم أن ما وافقوه عليه موجب لما خالفوه فيه .

وتجوّز بعض المتعمقة في غوامض المعاني فعدل بذلك عن ظاهره إلى ما تدفعه بداهة العقول فتأول { وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } أي يطعمني لذة الإيمان ويسقيني حلاوة القبول .

وفي قوله : { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } وجهان :

أحدهما : إذا مرضت بمخالفته شفاني برحمته .

الثاني : مرضت بمقاساة الخلق شفاني بمشاهدة الحق .

وتأولوا قوله : { وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } على ثلاثة أوجه :

أحدها : والذي يميتني بالمعاصي ويحييني بالطاعات .

الثاني : يميتني بالخوف ويحييني بالرجاء .

الثالث : يميتني بالطمع ويحييني بالقناعة . وهذه تأويلات تخرج عن حكم الاحتمال إلى جهة الاستطراف فلذلك ذكرناها وإن كان حذفها من كتابنا أوْلى .