فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحۡيِينِ} (81)

{ وإذا مرضت فهو يشفين . والذي يميتني ثم يحيين } يثني إبراهيم على ربه ويتابع إظهار حجته على أبيه وقومه ، ويسوق البرهان على جلال الملك الديان الرحيم الرحمان ، فإنه سبحانه يجيب المضطر ويكشف الضر ، ويعافي المبتلى ، لاشفاء إلا شفاؤه شفاء لا يغادر سقما ، إلى أجل قضاه ، - ونسبة المرض الذي هو نقمة إلى نفسه ، والشفاء الذي هو نعمة إلى الله جل شأنه لمراعاة حسن الأدب ، كما قال الخضر عليه السلام : ) . . فأردت أن أعيبها . . ( {[2696]}وقال : ) . . فأراد ربك أن يبلغا أشدهما . . ( {[2697]} . . -{[2698]}{ والذي يميتني ثم يحيين }ربي حي لا يموت ، وهو الذي بيده الموت والحياة ، و{ ثم } للعطف مع التراخي ، إذ ليس إحياء الموتى عقب الوفاة وإنما ذلك يوم البعث والعرض على الله ، [ ولا يرد- على ما سبق سوقه علة لإسناد إبراهيم المرض إلى نفسه والشفاء إلى الله تعالى من أن ذلك رعاية لحسن الأدب ، لايرد- إسناده الإماتة وهي أشد من المرض إليه عز وجل في قوله : { والذي يميتني ثم يحيين } لإنكار الفرق بأن الموت قد علم واشتهر أنه قضاء محتوم من الله عز وجل . . . على أن الموت لكونه ذريعة إلى نيله عليه السلام للحياة الأبدية . . . . قيل : إن الموت لأهل الكمال وصلة إلى نيل المحاب الأبدية التي يستحقردونها الحياة الدنيوية ، وفيه تخليص العاصي من اكتساب المعاصي ]{[2699]}


[2696]:سورة الكهف. من الآية 79.
[2697]:سورة الكهف. من الآية 82.
[2698]:ما بين العارضتين من روح المعاني.
[2699]:مما أورد الألوسي.