تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ وَهَٰرُونَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ بِـَٔايَٰتِنَا فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (75)

{ 75 ْ } { ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ ْ } إلى آخر القصة{[410]} .

أي : { ثُمَّ بَعَثْنَا ْ } من بعد هؤلاء الرسل ، الذين أرسلهم الله إلى القوم المكذبين المهلكين .

{ مُوسَى ْ } بن عمران ، كليم الرحمن ، أحد أولي العزم من المرسلين ، وأحد الكبار المقتدى بهم ، المنزل عليهم الشرائع المعظمة الواسعة .

{ و ْ } جعلنا معه أخاه { هَارُونَ ْ } وزيرًا بعثناهما { إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ْ } أي : كبار دولته ورؤسائهم ، لأن عامتهم ، تبع للرؤساء .

{ بِآيَاتِنَا ْ } الدالة على صدق ما جاءا به من توحيد الله ، والنهي عن عبادة ما سوى الله تعالى ، { فَاسْتَكْبَرُوا ْ } عنها ظلمًا وعلوًا ، بعد ما استيقنوها .

{ وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ْ } أي : وصفهم الإجرام والتكذيب .


[410]:في ب أكمل الآيات إلى قوله تعالى:"إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون".
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ وَهَٰرُونَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ بِـَٔايَٰتِنَا فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (75)

ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك ، جانبا من قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون وملئه ، فبدأت بحكاية بعض المحاورات التي دارت بينه وبينهم ، فقال - تعالى - :

{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ موسى وَهَارُونَ . . . } .

قوله - سبحانه - { ثُمَّ بَعَثْنَا . . } معطوف على ما قبله وهو قوله : ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إلى قَوْمِهِمْ . . . ) من باب عطف القصة على القصة ، وهو من قبيل عطف الخاص على العام ، لما في هذا الخاص من عبر وعظات .

والمعنى : ثم بعثنا من بعد هؤلاء الرسل الكرام الذين جاءوا لأقوامهم بالأدلة والبينات . { موسى وَهَارُونَ } عليهما السلام . . { إلى فِرْعَوْنَ } الذي قال لقومه " أنا ربكم الأعلى " وإلى { ملئه } أى : خاصته وأشراف مملكته وأركان دولته ، ولذلك اقتصر عليهم ، لأن غيرهم كالتابع لهم .

{ بِآيَاتِنَا } أى : بعثناهما إليهم مؤيدين بآياتنا ، الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا وعلى صدقهما فيما يبلغانه عنا من هدايات وتوجيهات .

ويرى كثير من المفسرين أن المراد بقوله { بِآيَاتِنَا } الآيات التسع التي جاء ذكرها في قوله تعالى في سورة الإِسراء { وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ . . . } قال الجمل : " وتقدم في الأعراف منها ثمانية ، ثنتان في قوله - تعالى - { فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هي ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } وقوله : { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هي بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } وواحدة في قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بالسنين وَنَقْصٍ مِّن الثمرات لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } وخمسة في قوله - تعالى - : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم . . . } والتاسعة في هذه السورة - سورة يونس - في قوله - تعالى - : { رَبَّنَا اطمس على أَمْوَالِهِمْ } ثم بين - سبحانه - موقف فرعون وملئه من دعوة موسى لهم فقال : { فاستكبروا وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } .

والاستكبار : ادعاء الكبر من غير استحقاق ، والفاء فصيحة ، والتقدير : ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل موسى وهارون إلى فرعون وملئه ، فأتياهم ليبلغاهم دعوة الله ، ويأمراهم بإخلاص العبادة له ، فاستكبروا عن طاعتهما ، وأعجبوا بأنفسهم ، وكانوا قوما شأنهم وديدنهم الإِجرام ، وهو ارتكاب ما عظم من الذنوب ، وقبح من الأفعال .

ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال عند تفسيره لهذه الجملة : " فاستكبروا عن قبولها ، وهو أعظم الكبر أن يتهاون العبيد برسالة ربهم بعد تبينها ، ويتعظموا عن تقبلها " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ وَهَٰرُونَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ بِـَٔايَٰتِنَا فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (75)

{ ثم بعثنا من بعدهم } من بعد هؤلاء الرسل . { موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا } بالآيات التسع . { فاستكبروا } عن اتباعهما . { وكانوا قوما مجرمين } معتادين الأجرام فلذلك تهاونوا برسالة ربهم واجترؤوا على ردها .