تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ لَمَسَّكُمۡ فِي مَآ أَفَضۡتُمۡ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (14)

{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } بحيث شملكم إحسانه فيهما ، في أمر دينكم ودنياكم ، { لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ } أي : خضتم { فِيهِ } من شأن الإفك { عَذَابٌ عَظِيمٌ } لاستحقاقكم ذلك بما قلتم ، ولكن من فضل الله عليكم ورحمته ، أن شرع لكم التوبة ، وجعل العقوبة مطهرة للذنوب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ لَمَسَّكُمۡ فِي مَآ أَفَضۡتُمۡ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (14)

ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر فضله ورحمته بالمؤمنين فقال : { وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدنيا والآخرة لَمَسَّكُمْ فِي مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } .

و " لولا " هنا لامتناع الشىء لوجود عيره ، و " أفضتم " من الإفاضة بمعنى التوسع فى الشىء . والاندفاع فيه بدون تريث أو تحقق ، وأصله من قوله : " أفاض فلان الإناء ، إذا ملأه حتى فاض " .

أى : ولولا فضل الله عليكم ورحمته بكم - أيها المؤمنون - فى الدنيا بإعطائكم فرصة للتوبة . وفى الآخرة بقبول توبتكم ، لولا ذلك " لمسكم " أى : لنزل بكم بسبب ما أفضتم فيه من حديث الإفك عذاب عظيم ، لا يعلم مقدار ألمه وشدته إلا الله - تعالى - .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ لَمَسَّكُمۡ فِي مَآ أَفَضۡتُمۡ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (14)

يقول [ الله ]{[20918]} : { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } أيها الخائضون في شأن عائشة ، بأن قبل توبتكم وإنابتكم إليه في الدنيا ، وعفا عنكم لإيمانكم بالنسبة إلى الدار الآخرة ، { لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ } ، من قضية الإفك ، { عَذَابٌ عَظِيمٌ } . وهذا فيمن عنده إيمان رزقه الله بسببه التوبة إليه ، كمِسْطَح ، وحسان ، وحَمْنةَ بنت جحش ، أخت زينبَ بنت جحش . فأما من خاض فيه من المنافقين كعبد الله بن أبي بن سلول وأضرابه ، فليس أولئك مرادين في هذه الآية ؛ لأنه ليس عندهم من الإيمان والعمل الصالح ما يعادل هذا ولا ما يعارضه . وهكذا شأن ما يرد من الوعيد على فعل معين ، يكون مطلقًا مشروطا بعدم التوبة ، أو ما يقابله من عَمَل صالح يوازنُه أو يَرجح عليه .


[20918]:- زيادة من ف ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ لَمَسَّكُمۡ فِي مَآ أَفَضۡتُمۡ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (14)

{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة } لولا هذه لامتناع الشيء لوجود غيره ، والمعنى لولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة { ورحمته } في الآخرة بالعفو والمغفرة المقدران لكم . { لمسكم } عاجلا . { فيما أفضتم } خضتم . { فيه عذاب عظيم } يستحقر دونه اللوم والجلد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ لَمَسَّكُمۡ فِي مَآ أَفَضۡتُمۡ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (14)

{ لولا } هذه حرف امتناع لوجود . والفضل في الدنيا يتعين أنه إسقاط عقوبة الحد عنهم بعفو عائشة وصفوان عنهم ، وفي الآخرة إسقاط العقاب عنهم بالتوبة . والخطاب للمؤمنين دون رأس المنافقين . وهذه الآية تؤيد ما عليه الأكثر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحد حد القذف أحداً من العصبة الذين تكلموا في الإفك . وهو الأصح من الروايات : إما لعفو عائشة وصفوان ، وإما لأن كلامهم في الإفك كان تخافتاً وسراراً ولم يجهروا به ولكنهم أشاعوه في أوساطهم ومجالسهم . وهذا الذي يشعر به حديث عائشة في الإفك في « صحيح البخاري » وكيف سمعت الخبر من أم مسطح وقولها : أَوَ قَد تحدث بهذا وبلغ النبي وأبويّ ؟ . وقيل : حد حسان ومسطحاً وحمنة ، قاله ابن إسحاق وجماعة ، وأما عبد الله بن أبيّ فقال فريق : إنه لم يحد حد القذف تأليفاً لقلبه للإيمان . وعن ابن عباس أن أبيّاً جلد حد القذف أيضاً .

والإفاضة في القول مستعار من إفاضة الماء في الإناء ، أي كثرته فيه . فالمعنى : ما أكثرتم القول فيه والتحدث به بينكم .