تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (24)

وذلك العذاب يوم القيامة { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فكل جارحة تشهد عليهم بما عملته ، ينطقها الذي أنطق كل شيء ، فلا يمكنه الإنكار ، ولقد عدل في العباد ، من جعل شهودهم من أنفسهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (24)

وجملة " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " مقررة لمضمون ما قبلها ، مبنية لحلول وقت ذلك العذاب بهم .

أى : لهم عذاب عظيم يوم القيامة ، يوم يقفون أمام الله - تعالى - للحساب فتشهد عليهم ألسنتهم ، وأيديهم ، وأرجلهم ، بما كانوا يعملونه فى الدنيا من أعمال سيئة ، وبما كانوا يقولونه من أقوال قبيحة .

فالمراد بشهادة هذه الجوارح ، نطقها وإخبارها عما كانوا يعملونه فى الدنيا .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ . . . } وقوله - سبحانه - { اليوم نَخْتِمُ على أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (24)

وقوله { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قال ابن أبي حاتم :

حدثنا أبو سعيد الأشَجّ ، حدثنا أبو يحيى الرازي ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن مُطَرِّف ، عن المِنْهَال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إنهم - يعني : المشركين - إذا رَأوا أنه لا يدخلُ الجنةَ إلا أهل الصلاة ، قالوا : تعالوا حتى نجحد . فيجحدون فيختم [ الله ]{[20960]} على أفواههم ، وتشهد أيديهم وأرجلهم ، ولا يكتمون الله حديثًا .

وقال ابن جرير ، وابن أبي حاتم أيضًا : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دَرَّاج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة ، عُرف الكافر بعمله ، فيجحد ويخاصم ، فيقال له : هؤلاء جيرانك يشهدون عليك . فيقول : كذبوا . فيقول : أهلك وعشيرتك . فيقول : كذبوا ، فيقول : احلفوا . فيحلفون ، ثم يُصمِتهم الله ، فتشهد عليهم أيديهم وألسنتهم ، ثم يدخلهم النار " {[20961]} .

وقال ابن أبي حاتم أيضًا : حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة الكوفي ، حدثنا مِنْجَاب بن الحارث التميمي{[20962]} حدثنا أبو عامر الأسَدِي ، حدثنا سفيان ، عن عبيد المُكْتب ، عن فُضَيل بن عمرو الفُقَيمي ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نَوَاجذُه ، ثم قال : " أتدرون{[20963]} مِمَّ أضحك ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ، يقول : يا رب ، ألم تُجِرْني من الظلم ؟ فيقول : بلى . فيقول : لا أجيز عليَّ شاهدًا إلا من نفسي . فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا ، وبالكرام عليك شهودا{[20964]} فيختم على فيه ، ويقال لأركانه : انطقي فتنطق بعمله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول : بُعدًا لَكُنّ وسُحْقًا ، فعنكُنَّ كنتُ أناضل " .

وقد رواه مسلم والنسائي جميعا ، عن أبي بكر بن أبي النضر ، عن أبيه ، عن عُبَيد الله{[20965]} الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، به{[20966]} ثم قال النسائي : لا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن سفيان الثوري غير{[20967]} الأشجعي ، وهو حديث غريب ، والله أعلم . هكذا قال .

وقال قتادة : ابن آدم ، والله إن عليك لَشُهودًا غيرَ متهمة من بدنك ، فراقبهم واتق الله في سرك{[20968]} وعلانيتك ، فإنه لا يخفى عليه خافية ، والظلمة عنده ضوء{[20969]} والسر عنده علانية ، فمن استطاع أن يموت وهو بالله حسن الظن ، فليفعل ولا قوة إلا بالله .


[20960]:- زيادة من ف ، أ.
[20961]:- تفسير الطبري (18/105) ورواه أبو يعلى في مسنده برقم (1392) من طريق ابن لهيعة ، عن دراج عن أبي الهيثم به ، ودراج عن أبي الهيثم ضعيف.
[20962]:- في ف : "التيمي".
[20963]:- في ف : "تدرون".
[20964]:- في ف ، أ : "شهيدا".
[20965]:- في أ : "عبد الله".
[20966]:- صحيح مسلم برقم (2969).
[20967]:- في أ : "إلا".
[20968]:- في أ : "سرائرك".
[20969]:- في ف : "ضياء".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (24)

{ يوم تشهد عليهم } ظرف لما في لهم من معنى الاستقرار لا للعذاب لأنه موصوف ، وقرأ حمزة والكسائي بالياء للتقدم والفصل . { ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } يعترفون بها بإنطاق الله تعالى إياها بغير اختيارهم ، أبو بظهور آثاره عليها وفي ذلك مزيد تهويل للعذاب .