محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (24)

{ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي يعترفون بها بإنطاق الله تعالى إياها أو بظهور آثار ما عملوه عليها . بحيث يعلم من يشاهدهم ما عملوه . وذلك بكيفية يعلمها الله . فهو استعارة . ورجع الأول لقوله {[5674]} : { قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } فظاهره الحقيقة ، وحمله على الثاني بعيد . قيل : سيأتي في ( يس ) {[5675]} : { اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } والختم على الأفواه ينافي شهادة الألسنة . والجواب أن الختم على الأفواه معناه المنع عن التكلم بما يريده وينفعه ، بحسب زعمه ، اختيارا . كالإنكار والاعتذار . أو أن هذا في حال ، وذلك في حال . أو كل منهما في حق قوم غير الآخرين ، أو هذا في حق القذفة ، وذاك في حق الكفرة – وليس بشيء – إذ لا منافاة ، فالسر في التصريح بالألسنة هنا ، وعدم ذكرها هناك ، أن الآية لما كانت في حق القاذف بلسانه ، وهو مطالب معه بأربعة شهداء ، ذكر هنا خمسة أيضا ، وصرح باللسان الذي به عمله ليفضحه ، جزاء له من جنس فعله . كذا في ( العناية ) .


[5674]:(41 فصلت 21).
[5675]:(36 يس 65).