تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا} (3)

ثم قدر ذلك فقال : { نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ } أي : من النصف { قَلِيلًا } بأن يكون الثلث ونحوه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا} (3)

وقوله { نصفه } بدل من { قليلا } بدل كل من كل ، على سبيل التفصيل بعد الإِجمال . .

أى : قم نصف الليل للعبادة لربك ، واجعل النصف الثانى من الليل لراحتك ونومك . .

ووصف - سبحانه - هذا النصف الكائن للراحة بالقلة فقال { إِلاَّ قَلِيلاً } للإِشعار بأن النصف الآخر ، العامر بالعبادة والصلاة . . هو النصف الأكثر ثوابا وقربا من الله - تعالى - بالنسبة للنصف الثانى المتخذ للراحة والنوم .

وقوله - سبحانه - : { أَوِ انقص مِنْهُ قَلِيلاً . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ . . } تخيير له صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ، وإظهار لما اشتملت عليه شريعة الإِسلام من يسر وسماحة . .

فكأنه - تعالى - يقول له على سبيل التلطف والإرشاد إلى ما يشرح صدره - يأيها المتلفف بثيابه ، قم الليل للعبادة والصلاة ، إلا وقتا قليلا منه يكون لراحتك ونومك ، وهذا الوقت القليل المتخذ للنوم والراحة قد يكون نصف الليل ، أو قد يكون أقل من النصف بأن يكون فى حدود ثلث الليل ، ولك - أيها الرسول الكريم - أن تزيد على ذلك ، بأن تجعل ثلثى الليل للعبادة ، وثلثه للنوم والراحة .

.

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد رخص لنبيه صلى الله عليه وسلم فى أن يجعل نصف الليل أو ثلثه ، أو ثلثيه للعبادة والطاعة ، وأن يجعل المقدار الباقى من الليل للنوم والراحة . .

وخص - سبحانه - الليل بالقيام ، لأنه وقت سكون الأصوات . . فتكون العبادة فيه أكثر خشوعا ، وأدى لصفاء النفس ، وطهارة القلب ، وحسن الصلة بالله - عز وجل - .

هذا ، وقد استمر وجوب الليل على الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بعد فرض الصلوات الخمس عليه وعلى أمته . تعظيما لشأنه ، ومداومة له على مناجاة ربه ، خصوصا فى الثلث الأخير من الليل ، يدل على ذلك قوله - تعالى - : { وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } وقد كان المسلمون يقتدون بالرسول صلى الله عليه وسلم فى قيام الليل وقد أثنى - سبحانه - عليهم بسبب ذلك فى آيات كثيرة منها قوله - تعالى - : { تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وقد ذكر الإِمام أحمد حديثا طويلا عن سعيد بن هشام ، وفيه أنه سأل السيدة عائشة عن قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل ، فقالت له : ألست تقرأ هذه السورة ، يأيها المزمل . . ؟

إن الله افترض قيام الليل فى أول هذه السورة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم . وأمسك الله ختامها فى السماء اثنى عشر شهرا ، ثم أنزل التخفيف فى آخر هذه السورة ، فصار قيام الليل تطوعا من بعد فريضة . .

قال القرطبى ما ملخصه : واختلف : هل كان قيام الليل فرضا وحتما ، أو كان ندبا وحضا ؟ والدلائل تقوى أن قيامه كان حتما وفرضا ، وذلك أن الندب والحض ، لا يقع على بعض الليل دون بعض ، لأن قيامه ليس مخصوصا به وقت دون وقت .

واختلف - أيضا - هل كان فرضا على النبى صلى الله عليه وسلم وحده ؟ أو عليه وعلى من كان قبله من الأنبياء ؟ أو عليه وعلى أمته ؟ ثلاثة أقوال . . أصحها ثالثها للحديث المتقدم الذى رواه سعيد بن هشام عن عائشة - رضى الله عنها - .

وقال بعض العلماء بعد أن ساق العلماء فى هذه المسألة بشئ من التفصيل : والذى يستخلص من ذلك أن أرجح الأقوال ، هو القول القائل بأن التهجد كانفريضة على النبى صلى الله عليه وسلم وعلى أمته ، إذ هو الذى يمكن أن تأتلف عليه النصوص القرآنية ، ويشهد له ما تقدم من الآثار عن ابن عباس وعائشة وغيرهما .

ويرى بعض العلماء أن وجوب التهجد باق على الناس جميعا ، وأنه لم ينسخ ، وإنما الذى نسخ هو وجوب قيام جزء مقدر من الليل ، لا ينقص كثيرا عن النصف .

ويرد على هذا القول بما ثبت فى الصحيحين ، من " أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذى سأله عما يجب عليه من صلاة ؟ قال : خمس صلوات فى اليوم والليلة . قال : هل على غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع " .

ويرى فريق آخر : أن قيام الليل نسخ عن الرسول وعن أمته بآخر سورة المزمل . واستبدل به قراءة القرآن ، على ما يعطيه قوله - تعالى - { عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرآن } ويدل عليه - أيضا - ظاهر ما روى عن عائشة ، من قولها : فصار قيام الليل تطوعا من بعد الفريضة ، دون أن تقيد ذلك بقيد .

ويرى فريق ثالث : أن وجوب التهجد استمر على النبى وعلى الأمة ، حتى نسخ بالصلوات الخمس ليلة المعراج .

ويرى فريق رابع : أن قيام الليل نسخ عن الأمة وحدها ، وبقى وجوبه على النبى صلى الله عليه وسلم على ما يعطيه ظاهر آية الإِسراء .

ولعل أرجح هذه الأقوال هو القول الرابع . . فإن آية سورة الإِسراء وهى قوله - تعالى - : { وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ . . . } تدل على أن وجوب التهجد قد بقى عليه صلى الله عليه وسلم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا} (3)

وقوله : { نِصْفَهُ } بدل من الليل

3

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا} (3)

وقوله : قُمِ اللّيْلَ إلاّ قَلِيلاً يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم : قم الليل يا محمد كله إلا قليلاً منه ، نِصْفَهُ يقول : قم نصف الليل أو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أوْ زِدْ عَلَيْهِ يقول : أو زد عليه خَيره الله تعالى ذكره حين فرض عليه قيام الليل بين هذه المنازل أيّ ذلك شاء فعل ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما ذُكر يقومون الليل ، نحو قيامهم في شهر رمضان فيما ذُكر حتى خفف ذلك عنهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أُسامة ، عن مسعر ، قال : حدثنا سماك الحنفي ، قال : سمعت ابن عباس يقول : لما نزل أوّل المزمل ، كانوا يقومون نحوا من قيامهم في رمضان ، وكان بين أوّلها وآخرها قريب من سنة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن مِسْعر ، قال : حدثنا سماك ، أنه سمع ابن عباس يقول ، فذكر نحوه . إلا أنه قال : نحوا من قيامهم في شهر رمضان .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يزيد بن حيان ، عن موسى بن عبيدة ، قال : ثني محمد بن طَحْلاء مولى أمّ سلمة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : كنت أجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرا يصلي عليه من الليل ، فتسامع به الناس ، فاجتمعوا ، فخرج كالمغضَب ، وكان بهم رحيما ، فخشي أن يُكتب عليهم قيام الليل ، فقال : «يا أيّها النّاسُ اكْلَفُوا مِنَ الأعْمال ما تُطِيقُونَ ، فإنّ الله لا يَمَلّ مِنَ الثّوَابِ حتى تَمَلّوا مِنَ العَمَلِ وخَيْرُ الأعْمالِ ما دُمْتُمْ عَلَيْهِ » ونزل القرآن : يأَيّها المُزّمّلِ قُمِ اللّيْلِ إلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أو زِد عَلَيْهِ حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق ، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر ، فرأى الله ما يبتغون من رضوانه فرحمهم فردّهم إلى الفريضة وترك قيام الليل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن موسى بن عبيدة الحميري ، عن محمد بن طحلاء عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : كنت أشتري لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرا ، فكان يقوم عليه من أوّل الليل ، فتسمع الناس بصلاته ، فاجتمعت جماعة من الناس فلما رأى اجتماعهم كره ذلك ، فخشي أن يكتب عليهم ، فدخل البيت كالمغضب ، فجعلوا يتنحنحون ويتسعّلون حتى خرج إليهم ، فقال : «يا أيّها النّاسُ إنّ اللّهَ لا يَمَلّ حتى تَمَلّوا يعني من الثواب فاكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ فإنّ خَيْرَ الَعمَلِ أدْوَمُهُ وَإنْ قَلّ » ونزلت عليه : يأيّها المُزّمّلُ قُمِ اللّيْلَ إلاّ قَلِيلاً السورة قال : فكتبت عليهم ، وأنزلت بمنزلة الفريضة حتى إن كان أحدهم ليربط الحبل فيتعلق به فلما رأى الله ما يكلفون مما يبتغون به وجه الله ورضاه ، وضع ذلك عنهم ، فقال : إنّ رَبّكَ يَعْلَمُ أنّكَ تَقُومُ أدْنَى مِنْ ثُلثَيِ اللّيْلِ وَنِصْفَهُ . . . إلى عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فردّهم إلى الفريضة ، ووضع عنهم النافلة ، إلا ما تطوّعوا به .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : قُمِ اللّيْلِ إلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أو زِد عَلَيْهِ وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً فأمر الله نبيه والمؤمنين بقيام الليل إلا قليلاً ، فشقّ ذلك على المؤمنين ، ثم خفّف عنهم فرحمهم ، وأنزل الله بعد هذا : عَلِمَ أنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ . . . إلى قوله فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنْهُ فوسع الله وله الحمد ، ولم يضيق .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : لما أنزل الله على نبيه : يأيّها المُزّمّلُ قال : مكث النبيّ صلى الله عليه وسلم على هذا الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره الله ، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه ، فأنزل الله عليه بعد عشر سنين : إنّ رَبّكَ يَعْلَمُ أنّكَ تَقُومُ أدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللّيْلِ وَنِصْفَهُ وثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الّذِينَ مَعَكَ . . . إلى قوله : وأقِيمُوا الصّلاةَ فخفّ الله عنهم بعد عشر سنين .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح عن الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة والحسن ، قالا : قال في سورة المزمل قُمِ اللّيْلِ إلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أو زِد عَلَيْهِ وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً نسختها الاَية التي فيها : عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنَ القُرْآنِ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قُمِ اللّيْلَ إلاّ قَلِيلاً قاموا حولاً أو حولين حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم ، فأنزل الله تخفيفا بعد في آخر السورة .

حدثنا ابن حميد ، . قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن وهب ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : لما نزلت : يأيّها المُزّمّلُ قاموا بها حولاً حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت : فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنْهُ فاستراح الناس .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جرير بياع المُلاء عن الحسن ، قال : الحمد لله تطوّع بعد فريضة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال لما نزلت يأيّها المُزّمّلُ . . . الاَية ، قام المسلمون حولاً ، فمنهم من أطاقه ، ومنهم من لم يطقه ، حتى نزلت الرخصة .

قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : لما نزل أوّل المزّمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان ، وكان بين أوّلها وآخرها نحو من سنة .

وقوله : وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً يقول جلّ وعزّ : وبين القرآن إذا قرأته تبيينا ، وترسل فيه ترسلاً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علبة ، قال : حدثنا أبو رجاء ، عن الحسن ، في قوله وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً قال : اقرأه قراءة بينة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً فقال : بعضه على أثر بعض .

حدثنا محمد بن عبد الله المخزومي ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً فقال : بعضه على أثر بعض . على تؤدة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله الله وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً قال : ترسل فيه ترسلاً .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً فقال : بعضه على أثر بعض .

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن جريج ، عن عطاء وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً قال : الترتيل النّبْذ : الطّرْح .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً قال بينه بيانا .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مِقْسم ، عن ابن عباس وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً قال : بيّنه بيانا .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً قال : بعضه على أثر بعض .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا} (3)

نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه الاستثناء من الليل و نصفه بدل من قليلا وقلته بالنسبة إلى الكل والتخيير بين قيام النصف والزائد عليه كالثلثين والناقص عنه كالثلث أو نصفه بدل من الليل والاستثناء منه والضمير في منه و عليه للأقل من النصف كالثلث فيكون التخيير بينه وبين الأقل منه كالربع والأكثر منه كالنصف أو للنصف والتخيير بين أن يقوم أقل منه على البت وأن يختار أحد الأمرين من الأقل والأكثر أو الاستثناء من إعداد الليل فإنه عام والتخيير بين قيام النصف والناقص عنه الزائد عليه ورتل القرآن ترتيلا اقرأه على تؤده وتبيين حروف بحيث يتمكن السامع من عدها من قوله ثغر رتل ورتل إذا كان مفلجا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا} (3)

وقوله تعالى : { نصفه } يحتمل أن يكون بدلاً من قوله { قليلاً } ، وكيف ما تقلب المعنى ، فإنه أمر بقيام نصف الليل أو أكثر شيء أو أقل شيء ، فالأكثر عند العلماء لا يزيد على الثلثين ، والأقل لا ينحط عن الثلث ويقوي هذا حديث ابن عباس في بيت ميمونة قال : فلما انتصف الليل أو قبله بقليل قام رسول الله صلى الله عليه وسلم{[11388]} ، ويلزم على هذا الذي ذكرناه أن يكون نصف الليل قد وقع عليه الوصف بقليل ، وقد يحتمل عندي قوله { إلا قليلاً } ، أن يكون استثناء من القيام ، فيجعل الليل اسم جنس ، ثم قال { إلا قليلاً } ، أي الليالي التي تخل بقيامها عند العذر البين .

وهذا النظر يحسن مع القول مع الندب جداً . وقد تكلم الجرجاني رحمه الله في نظمه في هذه الآية بتطويل وتدقيق غير مفيد أكثره غير صحيح . وقرأ الجمهور : «أوُ انقص » بضم الواو ، وقرأ الحسن وعاصم وحمزة بكسر الواو ، وقرأ عيسى بالوجهين ، والضمير في { منه } و { عليه } عائدان على النصف .


[11388]:أخرجه أبو داود، والبيهقي في السنن، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فصلى ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر، فحزرت قيامه في كل رقعة بمقدار (يا أيها المزمل) والله أعلم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا} (3)

و { نصفه } بدل من { قليلاً } بدلاً مطابقاً وهو تبيين لإِجمال { قليلاً } فجعل القليل هنا النصفَ أو أقلَّ منه بقليل .

وفائدة هذا الإِجمال الإِيماء إلى أن الأوْلى أن يكون القيام أكثر من مدة نصف الليل وأن جعله نصف الليل رحمة ورخصة للنبيء صلى الله عليه وسلم ويدل لذلك تعقيبُه بقوله : { أو انقص منه قليلاً } أي انقص من النصف قليلاً ، فيكون زمن قيام الليل أقلّ من نصفه ، وهو حينئذٍ قليل فهو رخصة في الرخصة .