وقوله { وَأَنْ أَقِيمُواْ الصلاة واتقوه } معطوف على محل { لِنُسْلِمَ } كأنه قيل أمرنا لنسلم وأمرنا أيضاً بإقامة الصلاة والاتقاء .
وفى تخصيص الصلاة بالذكر من بين أنواع الشرائع وعطفها على الأمر بالإسلام ، وقرنها بالأمر بالتقوى دليل على تفخيم أمرها وعظمة شأنها .
وقوله { وَهُوَ الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } جملة مستأنفة موجبة لامتثال ما أمر من الأمور الثلاثة ، أى : هو الذى تعودون إليه يوم القيامة للحساب لا إلى غيره .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَنْ أَقِيمُواْ الصّلاةَ وَاتّقُوهُ وَهُوَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } . .
يقول تعالى ذكره : وأمرنا أن أقيموا الصلاة . وإنما قيل : وأنْ أقِيمُوا الصّلاةَ فعطف ب «أن » على اللام من «لِنُسْلِمَ » لأن قوله : «لنسلم » ، معناه : أن نسلم ، فردّ قوله : وأنْ أقِيمُوا على معنى : «لنسلم » ، إذ كانت اللام التي في قوله : «لنسلم » ، لاما لا تصحب إلاّ المستقبل من الأفعال ، وكانت «أن » من الحروف التي تدلّ على الاستقبال دلالة اللام التي في «لنسلم » ، فعطف بها عليها لاتفاق معنييهما فيما ذكرت ف «أن » في موضع نصب بالردّ على اللام . وكان بعض نحويي البصرة يقول : إما أن يكون ذلك : أمرنا لنسلم لربّ العالمين ، وأن أقيموا الصلاة ، يقول : أمرنا كي نسلم ، كما قال : وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ : أي إنما أمرت بذلك ، ثم قال : وأنْ أقِيمُوا الصّلاةَ واتقوه : أي أُمِرْنا أن أقيموا الصلاة أو يكون أوصل الفعل باللام ، والمعنى : أمرت أن أكون ، كما أوصل الفعل باللام في قوله : هُمْ لرَبّهِمْ يَرْهَبُونَ . فتأويل الكلام : وأمرنا بإقامة الصلاة ، وذلك أداؤها بحدودها التي فرضت علينا . وَاتّقُوهُ يقول : واتقوا ربّ العالمين الذي أمرنا أن نسلم له ، فخافوه واحذروا سخطه بأداء الصلاة المفروضة عليكم والإذعان له بالطاعة وإخلاص العبادة له . وَهُوَ الّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ يقول : وربكم ربّ العالمين هو الذي إليه تحشرون فتجمعون يوم القيامة ، فيجازي كلّ عامل منكم بعمله ، وتوفّى كل نفس ما كسبت .
{ وأن أقيموا الصلاة واتقوه } عطف على لنسلم أي للإسلام ولإقامة الصلاة ، أو على موقعه كأنه قيل : وأمرنا أن نسلم أو أقيم الصلاة . روي : أن عبد الرحمن بن أبي بكر دعا أباه إلى عبادة الأوثان ، فنزلت . وعلى هذا كان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا القول إجابة عن الصديق رضي الله تعالى عنه تعظيما لشأنه وإظهارا للاتحاد الذي كان بينهما . { وهو الذي إليه تحشرون } يوم القيامة .
{ وأن أقيموا } يتجه أن يكون بتأويل وإقامة فهو عطف على المفعول المقدر في { أمرنا } [ الأنعام : 71 ] ، وقيل بل هو معطوف على قوله { لنسلم } [ الأنعام : 71 ] تقديره لأن نسلم { وأن أقيموا } .
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول الزجاج واللفظ يمانعه وذلك أن قوله «لأن نسلم » معرب ، وقوله { أن أقيموا } مبني وعطف المبني على المعرب لا يجوز لأن العطف يقتضي التشريك في العامل اللهم إلا أن تجعل العطف في «أن » وحدها وذلك قلق وإنما يتخرج على أن يقدر قوله { وأن أقيموا } بمعنى لنقيم ثم خرجت بلفظ الأمر لما في ذلك من جزالة اللفظ فجاز العطف على أن يلغى حكم اللفظ ويعول على المعنى ، ويشبه هذا من جهة «ما » ما حكاه يونس عن العرب : أدخلوا الأول فالأول بالنصب{[4974]} ، وقال الزجّاج أيضاً : يحتمل أن يكون { وأن أقيموا } معطوفاً على { ائتنا } [ الأنعام : 71 ] .
قال القاضي أبو محمد : وفيه بعد ، والضمير في قوله { واتقوه } عائد على رب العالمين { وهو } ابتداء وما بعده وهو لفظ خبر يتضمن التنبيه والتخويف .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أمرهم بالعمل، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وأن أقيموا الصلاة} لمواقيتها، يخبرهم أنه لا تنفعهم الصلاة إلى مع الإخلاص، {واتقوه}: وحدوه، {وهو الذي إليه تحشرون}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وأمرنا أن أقيموا الصلاة. وإنما قيل:"وأنْ أقِيمُوا الصّلاةَ" فعطف ب «أن» على اللام من «لِنُسْلِمَ» لأن قوله: «لنسلم»، معناه: أن نسلم... فتأويل الكلام: وأمرنا بإقامة الصلاة، وذلك أداؤها بحدودها التي فرضت علينا. "وَاتّقُوهُ": واتقوا ربّ العالمين الذي أمرنا أن نسلم له، فخافوه واحذروا سخطه بأداء الصلاة المفروضة عليكم والإذعان له بالطاعة وإخلاص العبادة له.
"وَهُوَ الّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ": وربكم ربّ العالمين هو الذي إليه تحشرون فتجمعون يوم القيامة، فيجازي كلّ عامل منكم بعمله، وتوفّى كل نفس ما كسبت.
فإن قيل: كيف حسن عطف قوله: {وأن أقيموا الصلاة} على قوله: {وأمرنا لنسلم لرب العالمين}؟
قلنا: ذكر الزجاج فيه وجهين: الأول: أن يكون التقدير، وأمرنا فقيل لنا أسلموا لرب العالمين وأقيموا الصلاة.
فإن قيل: هب أن المراد ما ذكرتم، لكن ما الحكمة في العدول عن هذا اللفظ الظاهر والتركيب الموافق للعقل إلى ذلك اللفظ الذي لا يهتدي العقل إلى معناه إلا بالتأويل؟
قلنا: وذلك لأن الكافر ما دام يبقى على كفره، كان كالغائب الأجنبي فلا جرم يخاطب بخطاب الغائبين، فيقال له: {وأمرنا لنسلم لرب العالمين} وإذا أسلم وآمن ودخل في الإيمان صار كالقريب الحاضر، فلا جرم يخاطب الحاضرين، ويقال له: {وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون} فالمقصود من ذكر هذين النوعين من الخطاب التنبيه على الفرق بين حالتي الكفر والإيمان، وتقريره أن الكافر بعيد غائب والمؤمن قريب حاضر. والله أعلم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ثم فسر المأمور به، فكأنه قال: أن أسلموا {وأن أقيموا الصلاة} لوجهه {واتقوه} مع ذلك، أي افعلوها لا على وجه الهزء واللعب، بل على وجه التقوى والمراقبة ليدل ما ظهر منها على ما بطن من الإسلام للمحسن.
ولما كان التقدير: فهو الذي ابتدأ خلقكم من طين فإذا أنتم بشر مصورون، وجعلكم أحياء فبقدرته على مدى الأيام تنتشرون، عطف عليه قوله: {وهو الذي إليه} أي لا إلى غيره بعد بعثكم من الموت {تحشرون} فأتى بالبعث الذي هم له منكرون لكثرة ما أقام من الأدلة على تمام القدرة في سياق دال على أنه مما لا مجال للخلاف فيه، وأن النظر إنما هو فيما وراء ذلك، وهو أن عملهم للباطل سوَّغ تنزيلهم منزلة من يعتقد أنه يحشر إلى غيره سبحانه ممن لا قدرة له على جزائهم، فأخبرهم أن الحشر إليه لا إلى غيره، لأنه لا كلام هناك لسواه، فلا علق بين المحشورين ولا تناصر كما في الدنيا، والجملة مع ذلك كالتعليل للأمر بالتقوى، وقد بان أن الآية من الاحتباك، فإنه حذف الصلاة أولاً لدلالة ذكرها ثانياً، والإسلام ثانياً لدلالة ذكره أولاً.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{وأن أقيموا الصلاة واتقوه} أي أمرنا بأن نسلم لرب العالمين، وبأن أقيموا واتقوه، أي قيل لنا ذلك، وقدر بعضهم: أمرنا بالإسلام وبإقامة الصلاة والتقوى، وإقامة الصلاة الإتيان بها على الوجه الذي شرعت لأجله وهو كونها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتزكي النفس بمناجاة الله وذكره « ولذكر الله أكبر»، ولم يكن شرع عند نزول السورة زكاة ولا صيام ولا حج، والتقوى اتقاء ما يترتب على مخالفة دين الله وشرعه وتنكب سننه في خلقه من ضرر وفساد، فهي أوسع معنى من تفسيرها بامتثال الأمر واجتناب النهي. {وهو الذي إليه تحشرون} أي تجمعون وتساقون إلى لقائه يوم القيامة دون غيره فيحاسبكم على أعمالكم ويجازيكم عليها. وإذا كان الحشر إليه وحده والجزاء بيده وحده، فمن الجنون أن يعبد غيره ويدعى، أو يخاف أو يرجى.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
(وأن أقيموا الصلاة واتقوه). فالأصل هو الاستسلام لربوبية رب العالمين، وسلطانه وتربيته وتقويمه. ثم تجيء العبادات الشعائرية؛ وتجيء الرياضات النفسية.. لتقوم على قاعدة الاستسلام.. فإنها لا تقوم إلا إذا رسخت هذه القاعدة ليقوم عليها البناء. وفي الإيقاع الأخير في الفقرة يحشد السياق المؤثرات من الحقائق الأساسية في العقيدة: حقيقة الحشر. وحقيقة الخلق. وحقيقة السلطان. وحقيقة العلم بالغيب والشهادة. وحقيقة الحكمة والخبرة.. من خصائص الألوهية، التي هي الموضوع الرئيسي في هذه السورة... (وهو الذي إليه تحشرون).. إن الاستسلام لرب العالمين ضرورة وواجب.. فهو الذي إليه تحشر الخلائق.. فأولى لهم أن يقدموا بين يدي الحشر -الحتمي- ما ينجيهم؛ وأولى لهم أن يستسلموا اليوم له استسلام العالمين؛ قبل أن يقفوا أمامه مسؤولين... وكذلك يصبح تصور هذه الحقيقة -حقيقة الحشر- موحيا بالاستسلام في المبدأ، ما دام أنه لا مفر من الاستسلام في المصير!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وقوله: {وأن أقيموا الصلاة} إنْ جُعلت (أنْ) فيه مصدرية على قول سيبويه، إذ يسوّغ دخول (أنْ) المصدرية على فِعل الأمر فتفيد الأمر والمصدرية معاً لأنّ صيغة الأمر لم يؤت بها عبثاً، فقول المعربين: إنَّه يتجرّد عن الأمرية، مرادهم به أنَّه تجرّد عن معنى فعل الأمر إلى معنى المصدرية فهو من عطف المفردات. وهو إمّا عطف على {لنسلم} بتقدير حرف جرّ محذوف قبل (أنْ) وهو الباء. وتقدير الحرف المحذوف يدلّ عليه معنى الكلام، وإمّا عطف على معنى {لنسلم} لأنَّه وقع في موقع بأن نسلم، كما تقدّم عن الزجّاج. فالتقدير: أمرنا بأن نسلم، ثم عطف عليه {وأن أقيموا} أي وأمرنا بأن أقيموا، والعطف على معنى اللفظ وموقِعه استعمال عربي، كقوله تعالى: {لولا أخَّرْتَنِي إلى أجل قريب فأصّدّقَ وأكُنْ} [المنافقون: 10] إذ المعنى إنْ تُؤخّرني أصّدّقْ وأكُنْ.
وإن جُعلت (أنْ) فيه تفسيرية فهو من عطف الجمل. فيقدّر قوله: {أمرنا لنسلم} بأمِرْنا أن أسلموا لنُسلم {وأن أقيموا الصلاة}، أي لنقيم فيكون في الكلام احتباك.
وأظهر من هذا أن تكون (أنْ) تفسيرية. وهي تفسير لما دلَّت عليه واوُ العطف من تقدير العامل المعطوف عليه، وهو {وأمرنا}، فإنّ {أمرنا} فيه معنى القول دون حروفه فناسب موقع (أنْ) التفسيرية.
..و {اتَّقوه} عطف على {أقيموا} ويجري فيه ما قُرّر في قوله {وأن أقيموا}. والضمير المنصوب عائد إلى {ربّ العالمين} وهو من الكلام الذي أمروا بمقتضاه بأن قال الله للمؤمنين: أسلموا لربّ العالمين وأقيموا الصلاة واتَّقُوه. ويجوز أن يكون محكياً بالمعنى بأن قال الله: اتَّقون، فحُكي بما يوافق كلام النبي المأمور بأن يقوله بقوله تعالى: {قل إنّ هدى الله هو الهدى}، كما في حكاية قول عيسى: {ما قلتُ لهم إلاّ مَا أمَرتني به أن اعبدوا الله ربِّي وربّكم} [المائدة: 117].
وجَمع قوله: {واتَّقوه} جميعَ أمور الدين، وتخصيصُ إقامة الصلاة بالذكر للاهتمام.
وجملة: {وهو الذي إليه تُحشرون} إمّا عطف على جملة {اتَّقُوه} عطف الخبر على الإنشاء فتكون من جملة المقول المأمور به بقوله: {قل إنّ هدى الله}، أي وقل لهم وهو الذي إليه تحشرون، أو عطف على {قل} فيكون من غير المقول. وفي هذا إثبات للحشر على منكريه وتذكير به للمؤمنين به تحريضاً على إقامة الصلاة والتقوى.
واشتملت جملة {وهو الذي إليه تحشرون} على عدّة مؤكّدات وهي: صيغة الحصر بتعريف الجزأين، وتقديم معمول {تحشرون} المفيد للتقوّي لأنّ المقصود تحقيق وقوع الحشر على من أنكره من المشركين وتحقيق الوعد والوعيد للمؤمنين، والحصر هنا حقيقي إذ هم لم ينكروا كون الحشر إلى الله وإنَّما أنكروا وقوع الحشر، فسلك في إثباته طريق الكناية بقصره على الله تعالى المستلزم وقوعه وأنَّه لا يكون إلاّ إلى الله، تعريضاً بأنّ آلهتهم لا تغني عنهم شيئاً.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
وأورد سبحانه وتعالى إقامة الصلاة بالأمر بالتقوى فقال تعالى: (واتقوه) أي اجعلوا بينكم وبين الله تعالى وقاية بينكم وبين غضبه بإطاعته حق الطاعة فيما يأمر وينهى، وأن يملأ نفسه بتقواه دائما فيذكره في سره وعلانيته ويملأ قلبه بخشيته ويحس بأنه يراه دائما ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور يحس بأنه مع الله دائما، وبذلك يتربى فيه معنى الربوبية. وذكر تعالى ما يربى التقوى في النفس فقال: (وهو الذي اليه تحشرون) أي و آمنوا بأنكم إليه تحشرون وهذا التعبير السامي يتضمن ثلاث حقائق يجب الإيمان بها: الحقيقة الأولى: البعث وأن الناس يجتمعون بين يديه سبحانه وتعالى: وأن الإيمان بالبعث هو سر الإيمان وهو علو بالنفس الإنسانية إلى المرتبة السامية فلا يكون آكلا شاربا فقط يقول: (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين) (المؤمنون) بل يعلو بإنسانيته يفعل الخير ويرجو الجزاء. الحقيقة الثانية: أن الملك لله وحده وأنه في هذا اليوم هو الحكم وحده، فهو مالك يوم الدين وقد دل النص السامي على ذلك بقوله: (إليه تحشرون) بتقديم (إليه) على الفعل أي إليه وحده تحشرون فالمصير إليه سبحانه. الحقيقة الثالثة: الحساب والعقاب والثواب فهو نهاية الحشر فتجزى كل نفس ما كسبت.
هنا تجد الأمر بثلاثة أشياء: نسلم لرب العالمين، ونقيم الصلاة، ونتقيه سبحانه، لماذا؟؛ لأن كل الأعمال الشرعية التي تصدر من الجوارح لا بد أن تكون من ينابيع عقدية في القلب. وكيف نسلم لرب العالمين؟. أي نفعل ما يريد وننتهي عما ينهى عنه، ثم نقيم الصلاة وهو أمر إيجابي، ونتقي الله أي نتقي الأشياء المحرمة وهو أمر سلبي، وهكذا نجد أن الهدى يتضمن إيمانا عقديا برب نسلم زمامنا له، لتأتي حركتنا في الوجود طبقا لما رسم لنا في ضوء (افعل)، و (لا تفعل)، وحركتنا في الوجود إما فعل وإما ترك. والفعل أن نقوم بسيد الأفعال وهو الصلاة، والترك أن نتقي المحارم، وهذا كله إنما يصدر من الينبوع العقدي الذي يمثله قوله: {لنسلم لرب العالمين}.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلوةَ وَاتَّقُوهُ} وذلك من خلال الانتباه لفكرة الحشر المرتبطة بفكرة المسؤولية الفكرية والعملية في الحياة بما يريد أن يوحي به للإنسان دائماً، من أجل تحقيق أكبر قدرٍ ممكن من الانضباط الإسلامي {وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} وتلك هي الحقيقة الحاسمة في التصور الإسلامي لله سبحانه وتعالى.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
الآية التّالية، تواصل شرح الدعوة الإِلهية قائلة: إِنّنا فضلا عن التوحيد، فقد أمرنا بإِقامة الصّلاة وبتقوى الله: (وان أقيموا الصّلاة واتقوه). وفي الختام يشار إِلى المعاد وإِلى أنّ الناس إِلى الله يرجعون: (وهو الذي إِليه تحشرون). هذه الآيات القصار تكشف عن البرنامج الذي يدعو اليه الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمتألف من أربعة مبادئ، تبدأ بالتوحيد وتنتهي بالمعاد، وبينهما مرحلتان متوسطتان هما: تقوية الارتباط بالله، والاتقاء من كل ذنب.