تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ} (4)

وقوله : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى } هذا [ هو ] المقسم عليه أي : إن سعيكم أيها المكلفون لمتفاوت تفاوتا كثيًرا ، وذلك بحسب تفاوت نفس الأعمال ومقدارها والنشاط فيها ، وبحسب الغاية المقصودة بتلك الأعمال ، هل هو وجه الله الأعلى الباقي ؟ فيبقى السعي له{[1442]}  ببقائه ، وينتفع به صاحبه ، أم هي غاية مضمحلة فانية ، فيبطل السعي ببطلانها ، ويضمحل باضمحلالها ؟

وهذا كل عمل يقصد به غير وجه الله تعالى ، بهذا الوصف .


[1442]:- في ب: العمل له.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ} (4)

وقوله - تعالى - : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى } هو جواب القسم . وشتى جمع شتيت . مثل : جريح وجرحى ، ومريض ومرضى . والشئ الشتيت : هو المتفرق المتناثر بعضه عن بعض ، من الشتات بمعنى الابتعاد والافتراق .

والمعنى : وحق الليل إذا يغشى النهار فيستر ضياءه ، وحق النهار إذا تجلى وأسفر وأزال الليل وظلامه ، وحق الخالق العظيم القادر الذى أوجد الذكور والإِناث .

وحق كل ذلك ، إن أعمالكم ومساعيكم - أيها الناس - فى هذه الحياة ، لهى ألوان شتى ، وأنواع متفرقة ، منها الهدى ومنها الضلال ، ومنها الخير ، ومنها الشر ، ومنها الطاعة ، ومنها المعصية . . وسيجازى - سبحانه - كل إنسان على حسب عمله .

وحذف مفعول " يغشى " للتعميم ، أى يغشى كل شئ ويواريه بظلامه .

وأسند - سبحانه - التجلى إلى النهار ، على سبيل المدح له بالاستنارة والإِسفار .

والمراد بالسعى : العمل . وقوله " سعيكم " مصدر مضاف فيفيد العموم فهو فى معنى الجمع أى : إن مساعيكم لمتفرقة .

قال القرطبى : السعى : العمل ، فساع فى فكاك نفسه ، وساع فى عطبها ، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " الناس غاديان : فمبتاع نفسه فمعتقها ، وبائع نفسه فموبقها " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ} (4)

ولما كان القسم بهذه الأشياء المتضادة كان القسم عليه أيضا متضادا ؛ ولهذا قال : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى } أي : أعمال العباد التي اكتسبوها متضادة أيضًا ومتخالفة ، فمن فاعل خيرا ومن فاعل شرا .