السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ} (4)

وقوله تعالى : { إنّ سعيكم } ، أي : عملكم { لشتى } جواب القسم ، والمعنى : أنّ أعمالكم لتختلف ، فعامل للجنة بالطاعة وعامل للنار بالمعصية ، ويجوز أن يكون محذوفاً كما قيل في نظائره المتقدّمة ، وشتى : واحده شتيت مثل : مريض ومرضى ، وإنما قيل : للمختلف شتى : لتباعد ما بين بعضه وبعضه ، أي : إنّ عملكم المتباعد بعضه من بعض لشتى ؛ لأنّ بعضه ضلال وبعضه هدى ، أي : فيكم مؤمن وبر وكافر وفاجر ، ومطيع وعاص . وقيل : لشتى ، أي : لمختلف الجزاء ، فمنكم مثاب بالجنة ومعاقب بالنار . وقيل : لمختلف الأخلاق فمنكم راحمٌ وقاسٍ وحليمٌ وطائشٌ وجوادٌ وبخيل قال بعض المفسرين : نزلت هذه الآية في أبي بكر وأبي سفيان بن حرب . وروى أبو مالك الأشعري «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها » ، أي : مهلكها .