تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمَ لِتَرۡكَبُواْ مِنۡهَا وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (79)

{ 79 - 81 } { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ }

يمتن تعالى على عباده ، بما جعل لهم من الأنعام ، التي بها ، جملة من الإنعام :

منها : منافع الركوب عليها ، والحمل .

ومنها : منافع الأكل من لحومها ، والشرب من ألبانها .

ومنها : منافع الدفء ، واتخاذ الآلات والأمتعة ، من أصوافها ، وأوبارها وأشعارها ، إلى غير ذلك من المنافع .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمَ لِتَرۡكَبُواْ مِنۡهَا وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (79)

ثم بين - سبحانه - فى أواخر هذه السورة الكريمة ، جانبا آخر من نعمه على عباده ، ووبخ الفاسقين على عدم اعتبارهم بأحوال من سبقهم من الأمم ، وهددهم بأنهم عند مجئ العذاب إليهم لن ينفعهم إيمانهم . . فقال - تعالى - :

{ الله الذي جَعَلَ . . . } .

قوله - تعالى - { الله الذي جَعَلَ لَكُمُ الأنعام . . } بيان لنعمة أخرى من نعمه التى تتعلق بما سخره - سبحانه - لخدمة الإِنسان من دواب ، بعد بيانه قبل لكثير من النعم التى تتعلق بالليل والنهار ، والسماء والأرض . . إلخ .

والأنعام : جمع نعم ، وأطلق على الإِبل والبقر والغنم ، قالوا والمراد بها هنا : الإِبل خاصة ؛ لأن معظم المنافع التى ذكرت هنا توجد فيها .

أى : الله - تعالى - هو الذى خلق لكم بقدرته الإِبل { لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أى لتركبوا بعضا منها ، ولتأكلوا بعضا آخر منها . فمن فى الموضعين للتبعيض

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمَ لِتَرۡكَبُواْ مِنۡهَا وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (79)

78

ثم يوجه طلاب الخوارق إلى آيات الله الحاضرة التي ينسون وجودها بطول الألفة . وهي لو تدبروها بعض هذه الخوارق التي يطلبون وهي شاهدة كذلك بالألوهية لبطلان أي ادعاء بأن أحداً غير الله خلقها ، وأي ادعاء كذلك بأنها خلقت بلا خالق مدبر مريد :

( الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ، ومنها تأكلون . ولكم فيها منافع ، ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم ، وعليها وعلى الفلك تحملون . ويريكم آياته ، فأي آيات الله تنكرون ? ) . .

وخلق هذه الأنعام ابتداء آية خارقة كخلق الإنسان فبث الحياة فيها وتركيبها وتصويرها كلها خوارق ، لا يتطاول الإنسان إلى ادعائها ! وتذليل هذه الأنعام وتسخيرها للإنسان ، وفيها ما هو أضخم منه جسماً وأشد منه قوة ، وهو جعلها : ( الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ، ومنها تأكلون . . . ) . وهذه لا يستحق الاحترام أن يقول قائل : إنها هكذا وجدت والسلام ! وإنها ليست خارقة معجزة بالقياس إلى الإنسان ! وإنها لا تدل على الخالق الذي أنشأها وسخرها بما أودعها من خصائص وأودع الإنسان ! ومنطق الفطرة يقر بغير هذا الجدال والمراء .

ويذكرهم بما في هذه الآيات الخوارق من نعم كبار :

( لتركبوا منها ، ومنها تأكلون ) ، ( ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمَ لِتَرۡكَبُواْ مِنۡهَا وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (79)

{ الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون } فإن من جنسها ما يؤكل كالغنم ومنها ما يؤكل ويركب كالإبل والبقر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمَ لِتَرۡكَبُواْ مِنۡهَا وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (79)

هذه آيات عبر وتعديد نعم . و : { الأنعام } الأزواج الثمانية . ع و : { منها } الأولى للتبعيض ، لأن المركوب ليس كل الأنعام ، بل الإبل خاصة . { ومنها } الثانية لبيان الجنس ، لأن الجميع منها يؤكل . وقال الطبري في هذه الآية : إن { الأنعام } تعم الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وغير ذلك ما ينتفع به في البهائم ، ف { منها } في الموضعين للتبعيض على هذا ، لكنه قول ضعيف ، وإنما الأنعام ، الأزواج الثمانية التي ذكر الله فقط .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمَ لِتَرۡكَبُواْ مِنۡهَا وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (79)

انتقال من الامتنان على الناس بما سخر لأجْلهم من نظام العوالم العليا والسفلى ، وبما منحهم من الإِيجاد وتطوره وما في ذلك من الألطاف بهم وما أدمج فيه من الاستدلال على انفراده تعالى بالتصرف فكيف ينصرف عن عبادته الذين أشركوا به آلهة أخرى ، إلى الامتنان بما سخر لهم من الإِبل لمنافعهم الجمّة خاصّة وعامّة ، فالجملة استئناف سادس .

والقول في افتتاحها كالقول في افتتاح نظائرها السابقة باسم الجلالة أو بضميره .

والأنعام : الإِبل والغنم والمعز والبقر . والمراد هنا : الإِبلُ خاصة لقوله : { وَلِتَبْلُغُوا عَلَيهَا حَاجَةً } وقوله : { وَعَلَيْهَا وعَلَى الفُلْككِ تُحْمَلُونَ } وكانت الإِبل غالب مكاسبهم .

والجَعْل : الوضع والتمكين والتهيئة ، فيحمل في كل مقام على ما يناسبه وفائدة الامتنان تقريب نفوسهم من التوحيد لأن شأن أهل المروءة الاستحياء من المنعم .

وأدمج في الامتنان استدلال على دقيق الصنع وبليغ الحكمة كما دل عليه قوله : { وَيُرِيكُم ءاياته } [ غافر : 81 ] أي في ذلك كله .