تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

{ 36 - 39 } { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ * أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ }

يقول تعالى ، مبينا اغترار الكافرين : { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } أي : مسرعين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

وبعد هذه الصورة المشرقة لهؤلاء المكرمين . . أخذت السورة فى تصوير موقف المشركين من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم إلى الحق ، وفى تسليته عما لحقه منهم من أذى ، وفى بيان أحوالهم السيئة عندما يعرضون للحساب . . فقال - تعالى - .

{ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ . . . } .

الاستفهام فى قوله - تعالى - : { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ . عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال عِزِينَ } للتعجيب من حال هؤلاء الذين كفروا ، ومن تصرفاتهم التى تل على منتهى الغفلة والجهل . و " ما " مبتدأ ، و { الَّذِينَ كَفَرُواْ } خبره .

وقوله { مُهْطِعِينَ } من الإِهطاع ، وهو السير بسرعة ، مع مد العنق ، واتجاه البصر نحو شئ معين .

و { عِزِينَ } جمع عزة - كفئة - وهى الجماعة . وأصلها عِزْوَة - بكسر العين - من العزو ، لأن كل فرقة تعتزى إلى غير من تعتزى إليه الأخرى ، فلامها واو ، وقيل : لامها هاء ، والأصل عزهة .

قال القرطبى : والعزين : جماعات متفرقة . ومنه الحديث الذى خرجه مسلم وغيره ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فرآهم حِلَقا فقال : مالى أراكم عزين : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ قالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : يتمون الصفوف الأول ، ويتراصون فى الصف " .

وقد ذكروا فى سبب نزول هذه الآيات ، أن المشركين كانوا يجتمعون حول النبى صلى الله عليه وسلم ويستمعون إليه ، ثم يكذبونه ويستهزئون به وبالمؤمنين ، ويقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد صلى الله عليه وسلم فلندخلنها قبلهم ، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم .

والمعنى : ما بال هؤلاء الكافرين مسرعين نحوك - أيها الرسول الكريم - وناظرين إليك بعيون لا تكاد تفارقك ، وملتفين من حولك عن يمينك وعن شمالك ، جماعات متعددة ، ومظهرين التهكم والاستهزاء بك وبأصحابك ؟

ما بالهم يفعلون ذلك مع علمهم فى قراءة أنفسهم بأنك أنت الصادق الأمين " .

وقدم - سبحانه - الظرف { قِبَلَكَ } الذى بمعنى جهتك ، على قوله { مُهْطِعِينَ } للاهتمام ، حيث إن مقصدهم الأساسى من الإِسراع هو الاتجاه نحو النبى صلى الله عليه وسلم للاستهزاء به وبأصحابه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

ثم يعرض السياق مشهدا من مشاهد الدعوة في مكة ، والمشركون يسرعون الخطى إلى المكان الذي يكون فيه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يتلو القرآن . ثم يتفرقون حواليه جماعات . ويستنكر إسراعهم هذا وتجمعهم في غير ما رغبة في الاهتداء بما يسمعون :

فما للذين كفروا قبلك مهطعين ? عن اليمين وعن الشمال عزين ? . .

المهطع هو الذي يسرع الخطى مادا عنقه كالمقود . وعزين جمع عزة كفئة وزنا ومعنى . . وفي التعبير تهكم خفي بحركتهم المريبة . وتصوير لهذه الحركة وللهيئة التي تتم بها . وتعجب منهم . وتساؤل عن هذا الحال منهم ! وهم لا يسرعون الخطى تجاه الرسول ليسمعوا ويهتدوا ، ولكن فقط ليستطلعوا في دهشة ثم يتفرقوا كي يتحلقوا حلقات يتناجون في الكيد والرد على ما يسمعون !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

فمال الذين كفروا قبلك حولك مهطعين مسرعين .