{ 32-35 } { وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ * وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ }
أي : ومن أدلة رحمته وعنايته بعباده { الْجَوَار فِي الْبَحْرِ } من السفن ، والمراكب النارية والشراعية ، التي من عظمها { كَالْأَعْلَامِ } وهي الجبال الكبار ، التي سخر لها البحر العجاج ، وحفظها من التطام الأمواج ، وجعلها تحملكم وتحمل أمتعتكم الكثيرة إلى البلدان والأقطار البعيدة ، وسخر لها من الأسباب ما كان معونة على ذلك .
ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانبا من دلائل قدرته عن طريق ما يشاهده الناس فى البحر ، فقال - تعالى - : { وَمِنْ آيَاتِهِ الجوار فِي البحر كالأعلام } .
والجوار : جمع جارية والمراد بها السفينة لأنها تجرى فى البحر ، وهى صفة لموصوف محذوف .
والأعلام : جمع علم وهو الجبل الكبير ، وأصله الأثر الذى يعلم به الشئ كعلم الطريق ، وعلم الجيش ، وسمى علما لأن الناس يسترشدون به فى سيرهم .
أى : ومن آياته - سبحانه - الدالة على كمال قدرته ، هذه السفن الجارية فى البحر ، حتى لكأنها من ضخامتها وعظمها الجبال الشاهقة .
( ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام . إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره . إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور . أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير . ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص ) . .
والسفن الجواري في البحر كالجبال آية أخرى من آيات الله . آية حاضرة مشهودة . آية تقوم على آيات كلها من صنع الله دون جدال . هذا البحر من أنشأه ? مَن مِن البشر أو غيرهم يدعي هذا الادعاء ? ومن أودعه خصائصه من كثافة وعمق وسعة حتى يحمل السفن الضخام ? وهذه السفن من أنشأ مادتها وأودعها خصائصها فجعلها تطفو على وجه الماء ? وهذه الريح التي تدفع ذلك النوع من السفن التي كانت معلومة وقتها للمخاطبين [ وغير الريح من القوى التي سخرت للإنسان في هذا الزمان من بخار أو ذرة أو ما يشاء الله بعد الآن ] من جعلها قوة في هذا الكون تحرك الجواري في البحر كالأعلام ? . .
يقول تعالى : ومن آياته الدالة على قدرته وسلطانه ، تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره ، وهي الجواري في البحر كالأعلام ، أي : كالجبال ، قاله مجاهد ، والحسن ، والسدي ، والضحاك ، أي : هي {[25905]} في البحر كالجبال في البر ، .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلاَمِ * إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىَ ظَهْرِهِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ } .
يقول تعالى ذكره : ومن حجج الله أيها الناس عليكم بأنه القادر على كلّ ما يشاء ، وأنه لا يتعذّر عليه فعل شيء أراده ، السفن الجارية في البحر . والجواري : جمع جارية ، وهي السائرة في البحر . كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : الجَوَارِ في البَحْرِ قال : السفن .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَمِنْ آياتِهِ الجَوارِ في البَحْرِ قال : الجواري : السفن .
وقوله : كالأعْلامِ يعني كالجبال : واحدها علم ومنه قول الشاعر :
*** كأنّه عَلَمٌ فِي رأسِهِ نارُ ***
يعني : جَبَل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد كالأعْلامِ قال : كالجبال .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : الأعلام : الجبال .
و { الجواري } جمع جارية ، وهي السفينة .
وقرأ : «الجواري » بالياء نافع وعاصم وأبو عمرو وأبو جعفر وشيبة ، ومنهم من أثبتها في الوصل ووقف على الراء . وقرأ أيضاً عاصم بحذف الياء في وصل ووقف . وقال أبو حاتم : نحن نثبتها في كل حال .
و : «الأعلام » الجبال ، ومنه قول الخنساء : [ البسيط ]
وإن صخراً لتأتم الهداة به . . . كأنه علم في رأسه نار{[10151]}
ومنه المثل : إذا قطعن علماً بدا علم{[10152]} فجري السفن في الماء آية عظيمة ، وتسخير الريح لذلك نعمة منه تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.