قوله تعالى : { ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام * إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور * أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير * ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص * فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون * والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون * والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } . في الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ نافع وأبو عمرو{ الجواري } بياء في الوصل والوقف ، فإثبات الياء في الأصل وحذفها للتخفيف .
المسألة الثانية : الجواري ، يعني السفن الجواري ، فحذف الموصوف لعدم الالتباس .
المسألة الثالثة : اعلم أنه تعالى ذكر من آياته أيضا هذه السفن العظيمة التي تجري على وجه البحر عند هبوب الرياح ، واعلم أن المقصود من ذكره أمران ( أحدهما ) أن يستدل به على وجود القادر الحكيم ( والثاني ) أن يعرف ما فيه من النعم العظيمة لله تعالى على العباد أما الوجه ( الأول ) فقد اتفقوا على أن المراد بالأعلام الجبال ، قالت الخنساء في مرثية أخيها :
وإن صخرا لتأتم الهداة به *** كأنه علم في رأسه نار
ونقل أن النبي صلى الله عليه وسلم استنشد قصيدتها هذه فلما وصل الراوي إلى هذا البيت ، قال : «قاتلها الله ما رضيت بتشبيهها له بالجبل حتى جعلت على رأسه نارا ! » إذا عرفت هذا فنقول : هذه السفن العظيمة التي تكون كالجبال تجري على وجه البحر عند هبوب الرياح على أسرع الوجوه ، وعند سكون هذه الرياح تقف ، وقد بينا بالدليل في سورة النحل ، أن محرك الرياح ومسكنها هو الله تعالى ، إذ لا يقدر أحد على تحريكها من البشر ولا على تسكينها ، وذلك يدل على وجود الإله القادر ، وأيضا أن السفينة تكون في غاية الثقل ، ثم إنها مع ثقلها بقيت على وجه الماء ، وهو أيضا دلالة أخرى ( وأما الوجه الثاني ) وهو معرفة ما فيها من المنافع ، فهو أنه تعالى خص كل جانب من جوانب الأرض بنوع آخر من الأمتعة ، وإذا نقل متاع هذا الجانب إلى ذلك الجانب في السفن وبالعكس حصلت المنافع العظيمة في التجارة ، فلهذه الأسباب ذكر الله تعالى حال هذه السفينة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.