السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلۡجَوَارِ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ} (32)

{ ومن آياته } أي : الدالة على تمام قدرته واختياره ووحدانيته { الجوار } أي : السفن الجارية { في البحر كالأعلام } أي : كالجبال قالت الخنساء في مرثية أخيها صخر :

وإن صخراً لتأتم الهداة به *** كأنه علم في رأسه نار

أي : جبل في رأسه نار شبهت به أخاها . روي أن النبي صلى الله عليه وسلم : «استنشد قصيدتها هذه فلما وصل الراوي هذا البيت قال : قاتلها الله تعالى ما رضيت بتشبيهه بالجبل حتى جعلت في رأسه ناراً » . وقال مجاهد : الأعلام القصور وأحدها علم ، وقال الخليل بن أحمد : كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم .

فإن قيل : الصفة متى لم تكن خاصة بموصوفها امتنع حذف الموصوف فلا تقول : مررت بماش لأن المشي عام وتقول : مررت بمهندس وكاتب والجري ليس من الصفات الخاصة فما وجه ذلك ؟ أجيب : بأن قوله تعالى : { في البحر } قرينة دالة على الموصوف ، فذلك حذف ويجوز أن تكون هذه صفة غالبة كالأبطح والأبرق فوليت العوامل من دون موصوفها ، وقرأ نافع وأبو عمرو بإثبات الياء وصلاً لا وقفاً ، وابن كثير وهشام بإثباتها وقفاً بخلاف عن هشام الباقون بحذفها وقفاً ووصلاً وأمال الجواري محضة الدوري عن الكسائي وفتح الباقون .