الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلۡجَوَارِ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ} (32)

قوله : { الْجَوَارِ } : أي : السفنُ الجوارِي . فإن قلت : الصفةُ متى لم تكن خاصَّةً بموصوفِها امتنع حَذْفُ الموصوفِ . لا تقولُ : مررتُ بماشٍ ؛ لأنَّ المَشْيَ عامٌّ . وتقول : مررتُ بمهندسٍ وكاتبٍ ، والجَرْيُ ليس من الصفاتِ الخاصةِ فما وجهُ ذلك ؟ فالجوابُ :/ أنَّ قولَه : " في البحر " قرينةٌ دالَّةٌ على الموصوفِ . ويجوزُ أَنْ تكونَ هذه صفةً غالبةً كالأَبْطَح والأَبْرَق ، فَوَلِيَتِ العواملَ دونَ موصوفِها .

و " في البحر " متعلقٌ ب " الجوَاري " إذا لم يَجْرِ مَجْرى الجوامدِ . فإنْ جَرَى مَجْراه كان حالاً منه ، وكذا قولُه : " كالأَعْلام " هو حالٌ أي : مُشْبهةً بالأعلام - وهي الجبالُ - كقول الخنساء :

3975 وإنَّ صَخْراً لَتَأْتَمُّ الهُداةُ به *** كأنَّه عَلَمٌ في رأسِه نارُ

وسُمِع : هذه الجَوارُ ، وركبْتُ الجوارَ ، وفي الجوارِ ، بالإِعراب على الراءِ تناسياً للمحذوفِ . وقد تقدَّم هذا في قولِه : { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ }

[ الأعراف : 41 ] في الأعراف .