{ 54 - 58 } { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } إلى آخر القصة .
أي : واذكر عبدنا ورسولنا لوطا ونبأه الفاضل حين قال [ ص 607 ] لقومه -داعيا إلى الله وناصحا- : { أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ } أي : الفعلة الشنعاء التي تستفحشها العقول والفطر وتستقبحها الشرائع { وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } ذلك وتعلمون قبحه فعاندتم وارتكبتم ذلك ظلما منكم وجرأة على الله .
ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك طرفا من قصة لوط مع قومه ، فقال - تعالى - : { وَلُوطاً إِذْ قَالَ . . . } .
قصة لوط - عليه السلام - قد ذكرت فى سور متعددة منها الأعراف ، وهود ، والحجر . . .
وهنا تتعرض السورة الكريمة ، لإبراز ما كان عليه أولئك القوم من فجور ، وما هددوا به نبيهم .
قال ابن كثير - رحمه الله - : ولوط هو ابن هاران بن آزر ، وهو ابن أخى إبراهيم - عليه السلام - وكان لوط قد آمن مع إبراهيم ، وهاجر معه إلى أرض الشام ، فبعثه الله - تعالى - إلى أهل " سدوم " ، وما حولها من القرى ، يدعوهم إلى عبادة الله وحده ، وينهاهم عما يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التى اخترعوها ، دون أن يسبقهم إليها أحد من بنى آدم . . .
وقوله - تعالى - : { وَلُوطاً . . . } منصوب بفعل مضمر محذوف ، والتقدير : واذكر - أيها العاقل - وقت أن أرسلنا لوطا إلى قومه . فقال لهم على سبيل الزجر والتوبيخ : { أَتَأْتُونَ الفاحشة وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } أى : أتأتون الفاحشة التى لم يسبقكم إليها أحد ، وهى إتيان الذكور دون الإناث ، وأنتم تبصرون بأعينكم أنها تتنافى مع الفطرة السوية حتى بالنسبة للحيوان الأعجم فأنتم ترون وتشاهدون أن الذكر من الحيوان لا يأتى الذكر ، وإنما يأتى الأنثى ، حيث يتأتى عن طريقها التوالد والتناسل وعمارة الكون .
فقوله - سبحانه - : { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } جملة حالية المقصود بها زيادة تبكيتهم وتوبيخهم ، لأنهم يشاهدون تنزه الحيوان عنها ، كما يعلمون سوء عاقبتها ، وسوء عاقبة الذين خالفوا أنبيائهم من قبلهم .
وهكذا واجه لوط قومه بالاستنكار والعجب مما يفعلون !
( ولوطا إذ قال لقومه : أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ? أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ? بل أنتم قوم تجهلون ) . .
عجب في عبارته الأولى من إتيانهم هذه الفاحشة ، وهم يبصرون الحياة في جميع أنواعها وأجناسها تجري على نسق الفطرة ، وهم وحدهم الشواذ في وسط الحياة والأحياء . .
يخبر تعالى عن عبده لوط عليه السلام ، أنه أنذر قومه نقمة الله بهم ، في فعلهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم ، وهي إتيان الذكور دون الإناث ، وذلك فاحشة عظيمة ، استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء - قال{[22088]} { أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } أي : يرى بعضكم بعضًا ، وتأتون في ناديكم المنكر ؟
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ * أَإِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ شَهْوَةً مّن دُونِ النّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } . يقول تعالى ذكره وأرسلنا لوط إلى قومه إذ قال لهم يا قوم { أتأتون بالفاحشة وأنتم تبصرون } أنها فاحشة لعلمكم بأنه لم يسبقكم إلى ما تفعلون من ذلك أحد
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.