إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦٓ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَٰحِشَةَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (54)

{ وَلُوطاً } منصوبٌ بمضمرٍ معطوفٍ على أرسلنا في صدرِ قصَّة صالحٍ داخلٌ معه في حيِّز القسمِ أي وأرسلنا لوطاً . وقوله تعالى : { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } ظرفٌ للإرسالِ على أنَّ المرادَ به أمرٌ ممتدٌ وقعَ فيه الإرسالُ وما جرى بينَه وبينَ قومِه من الأقوالِ والأحوالِ . وقيل : انتصابُ لوطاً بإضمارِ اذكُر ، وإذْ بدلٌ منه ، وقيل : بالعطفِ على الذين آمنُوا أي وأنجينا لوطاً وهو بعيدٌ { أَتَأْتُونَ الفاحشة } أي الفعلةَ المتناهيةَ في القبحِ والسَّماجةِ . وقولُه تعالى : { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } جملةٌ حاليةٌ من فاعلِ تأتُون مفيدةٌ لتأكيدِ الإنكارِ وتشديدِ التَّوبيخِ ، فإنَّ تعاطيَ القبيحِ من العِالمِ بقُبحه أقبحُ وأشنعُ . وتُبصرون من بصرِ القلبِ أي أتفعلونَها والحال أنَّكم تعلمون علماً يقينياً بكونِها كذلك وقيل : يبصرُها بعضُكم من بعضٍ لما كانُوا يُعلنون بَها .