السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦٓ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَٰحِشَةَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (54)

ولما ذكر تعالى قصة صالح عليه السلام أتبعها قصة لوط عليه السلام وهي القصة الرابعة بقوله تعالى : { ولوطاً } وهو إما منصوب عطفاً على صالح ، أي : وأرسلنا لوطاً ، وإما عطفاً على الذين آمنوا أي : وأنجينا لوطاً ، وإما باذكر مضمرة ويبدل منه على هذا .

{ إذ } أي : حين { قال لقومه } أي : الذين كان سكن فيهم لما فارق عمه إبراهيم الخليل عليهما السلام وصاهرهم وكانوا يأتون الأحداث منكراً موبخاً { أتأتون الفاحشة } أي : الفعلة المتناهية في الفحش { وأنتم تبصرون } من بصر القلب ، أي : تعلمون فحشها واقتراف القبائح من العالم بقبحها أقبح ، أو يبصرها بعضكم من بعض لأنهم كانوا في ناديهم يرتكبونها معلنين لا يستتر بعضهم من بعض خلاعة ومجانة وانهماكاً في المعصية ، قال الزمخشري وكان أبا نواس بنى على مذهبهم قوله :

وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى *** فلا خير في اللذات من دونها ستر

أو تبصرون آثار العصاة قبلكم وما نزل بهم ، فإن قيل : إذا فسر تبصرون بالعلم وبعده بل أنتم قوم تجهلون فكيف يكونون علماء جهلاء ؟ .

أجيب : بأنهم يفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمهم بذلك أو يجهلون العاقبة ، أو أنّ المراد بالجهل السفاهة والمجانة التي كانوا عليها .