تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

161

وهذا عموم ، ثم خصص من ذلك أشرف العبادات فقال : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي } أي : ذبحي ، وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما ، ودلالتهما على محبة الله تعالى ، وإخلاص الدين له ، والتقرب إليه بالقلب واللسان ، والجوارح وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال ، لما هو أحب إليها وهو الله تعالى .

ومن أخلص في صلاته ونسكه ، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله . وقوله : { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } أي : ما آتيه في حياتي ، وما يجريه الله عليَّ ، وما يقدر عليَّ في مماتي ، الجميع { لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

ثم قل لهم للمرة الثانية : إن صلاتى التى أتوجه بها إلى ربى { وَنُسُكِي } أى عبادتى وتقربى إليه - وهو من عطف العام على الخاص - وقيل المراد به ذبائح الحج والعمرة . { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } أى : ما أعمله فى حياتى من أعمال وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح .

كل ذلك { للَّهِ رَبِّ العالمين } فأنا متجرد تجرداً كاملا لخالقى ورازقى بكل خالجة فى القلب ، وبكل حكة فى هذه الحياة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

154

( قل : إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له . وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) . .

إنه التجرد الكامل لله ، بكل خالجة في القلب وبكل حركة في الحياة . بالصلاة والاعتكاف . وبالمحيا والممات . وبالشعائر التعبدية ، وبالحياة الواقعية ، وبالممات وما وراءه .

إنها تسبيحة " التوحيد " المطلق ، والعبودية الكاملة ، تجمع الصلاة والاعتكاف والمحيا والممات ، وتخلصها لله وحده . لله ( رب العالمين ) . . القوام المهيمن المتصرف المربي الموجه الحاكم للعالمين . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

وقوله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } يأمره تعالى أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه ، أنه مخالف لهم في ذلك ، فإن صلاته لله ونسكه على اسمه وحده لا شريك له ، وهذا كقوله تعالى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } [ الكوثر : 2 ] أي : أخلص له صلاتك{[11513]} وذبيحتك ، فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها ، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه ، والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى .

قال مجاهد في قوله : { إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي } قال : النسك : الذبح في الحج والعمرة .

وقال الثوري ، عن السُّدِّي عن سعيد بن جُبَيْر : { وَنُسُكِي } قال : ذبحي . وكذا قال السُّدِّي والضحاك .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عَوْف ، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبِي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن زيد بن أبي حبيب ، عن ابن عباس ، عن جابر بن عبد الله قال : ضَحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيدٍ بِكَبْشَيْنِ وقال حين ذبحهما{[11514]} : " وَجَّهْت وجهي للذي فَطَر السموات والأرض حنيفًا وَمَا أنا من المشرِكين ، { إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }


[11513]:في م: "لصلاتك".
[11514]:في د: "وجههما".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ إِنّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوّلُ الْمُسْلِمِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام ، الذين يسألونك أن تتّبع أهواءهم على الباطل من عبادة الاَلهة والأوثان : إنّ صَلاتي ونُسُكي يقول : وذبحي . وَمحْيايَ يقول : وحياتي . وَمَماتِي يقول : ووفاتي . لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ يعني أن ذلك كله له خالصا دون ما أشركتم به أيها المشركون من الأوثان . لا شَرِيكَ لَهُ في شَيْءٍ من ذلك من خلقه ، ولا لشيء منهم فيه نصيب ، لأنه لا ينبغي أن يكون ذلك إلا له خالصا . وبذلكَ أُمِرْتُ يقول : وبذلك أمرني ربي . وأنا أوّلُ المُسْلِمِينَ يقول : وأنا أوّل من أقرّ وأذعن وخضع من هذه الأمة لربه ، بأن ذلك كذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال : النسك في هذا الموضع : الذبح :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزّة ، عن مجاهد : إنّ صَلاتي ونُسُكي قال : النسك : الذبائح في الحجّ والعُمرة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ونُسُكي : ذبيحتي في الحجّ والعُمرة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ونُسُكي : ذبيحتي في الحجّ والعُمرة .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل ، وليس بابن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : صَلاتِي ونُسُكي قال : ذبحي .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن إسماعيل ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : صَلاتي ونُسُكي قال : ذبيحتي .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن جبير ، قال ابن مهدي : لا أدري من إسماعيل هذا . صَلاتِي ونَسُكي قال : صلاتي وذبيحتي .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا الثوريّ ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : صَلاتي ونُسُكي قال : وذبيحتي .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ونُسُكي قال ذبحي .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : ونُسُكي قال : ذبيحتي .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك : صَلاتي ونُسُكي قال : الصلاة : الصلاة ، والنسك : الذبح .

وأما قوله : وأنا أوّلُ المُسْلِمِينَ فإن :

محمد بن عبد الأعلى حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر عن قتادة وأنا أوّلُ المُسْلِمِينَ قال : أوّل المسلمين من هذه الأمة .