التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

قوله : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } المراد بالصلاة هنا جنسها فتشمل المفروضة منها والمندوبة . أما النسك فهو العبادة على اختلاف أنواعها وذلك من باب عطف العام على الخاص . وقيل : النسك يعني الذبح في الحج والعمرة . والأول أولى بالاعتبار إلى الظاهر من معنى اللغة . فالنسك معناه العبادة ، ومنه الناسك وهو العابد ، وتنسك أي تعبد{[1332]} .

وقوله : { ومحياي ومماتي } محياي يعني ما أعمله في حياتي فإنه خالص لله . ومماتي ، يعني ما أوصي به من خير وصدقات بعد موتي . فهو كذلك في سبيل الله طلبا لمرضاته . ولنا القول إن الحياة في حق المسلم مسخرة كلها في طاعة الله . وذلك بكل ما تحويه الحياة من أفعال وأقوال يبذلها الإنسان . وذلك أن المسلم إنما يبتغي من كل تصرفاته طيلة حياته رضوان الله . وكذلك الممات في حق المسلم ضرب من ضروب الطاعة لله التي يتقرب بها المؤمن من ربه . ووجه ذلك أن المؤمن لا تبرح قلبه وسريرته الرغبة الكاملة في أن يحيى على منهج الله وصراطه المستقيم وأن يموت كذلك على التوحيد الكامل والطاعة التامة ليحظى بغفرانه وينجو من سخطه وعذابه .

قوله : { لله رب العلمين } فالصلاة بمختلف ضروبها ، والنسك على اختلاف معناه وكذا الأفعال في الحياة وما يبقى منها بعد الممات إنما يبذلها المؤمن لله رب العالمين فيبتغي بها رضوانه .


[1332]:- مختار الصحاح ص 657.