البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } الظاهر أن الصلاة هي التي فرضت عليه .

وقيل : صلاة الليل .

وقيل : صلاة العيد لمناسبة النسك .

وقيل : الدعاء والتذلل والنسك يطلق على الصلاة أيضاً وعلى العبادة وعلى الذبيحة ، وأما في الآية فقال ابن عباس وابن جبير ومجاهد وابن قتيبة : هي الذبائح التي تذبح لله وجمع بينهما كما قال : { فصلّ لربك وانحر } ويؤيد ذلك أنها نازلة قد تقدّم ذكرها ، والجدال فيها في السورة .

وقال الحسن : الدين والمذهب .

وقيل : العبادة الخالصة ومعنى { ومحياي ومماتي لله } أنه لا يملكهما إلى الله أو حياتي لطاعته ومماتي رجوعي إلى جزائه أو ما آتيه في حياتي من العمل الصالح وما أموت عليه من الإيمان لله ثلاثة أقوال .

وقال أبو عبد الله الرازي : معنى كونهما لله لخلق الله وهذا يدل على أن طاعة العبد مخلوقة لله انتهى .

وقال ابن عطية : أمره تعالى أن يعلن أن مقصده في صلاته وطاعاته من ذبيحة وغيرها وتصرفه مدّة حياته وحاله من الإخلاص والإيمان عند مماته إنما هو لله عز وجل وإرادة وجهه وطلبه رضاه ، وفي إعلان النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المقالة ما يلزم المؤمنين التأسي به حتى يلزموا في جميع أعمالهم قصد وجهه عز وجل وله تصرفه في جميع ذلك كيف شاء .

وقرأ الحسن وأبو حيوة { ونسكي } بإسكان السين وما روي عن نافع من سكون ياء المتكلم في { محياي } هو جمع بين ساكنين أجرى الوصل فيه مجرى الوقف والأحسن في العربية الفتح .

قال أبو علي : هي شاذة في القياس لأنها جمعت بين ساكنين وشاذة في الاستعمال ووجهها أنه قد سمع من العرب التقت حلقتا البطان ولفلان بيتا المال ، وروى أبو خالد عن نافع { ومحياي } بكسر الياء .

وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى والجحدري ومحيي على لغة هذيل كقول أبي ذؤيب .

سبقوا هويّ .

وقرأ عيسى بن عمر { صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي } بفتح الياء وروي ذلك عن عاصم من سكون ياء المتكلم .