النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

قوله عز وجل : { قُل إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ } هذا أمر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكر للناس حال عبادته ومن له الأمر في حياته ومماته .

فقال { إِنَّ صَلاَتِي } وهي الصلاة المشروعة ذات الركوع والسجود المشتملة على التذلل والخضوع لله تعالى دون غيره من وثن أو بشر .

ثم قال : { وَنُسُكِي } وفيه هنا ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه الذبيحة في الحج والعمرة ، قاله سعيد بن جبير ، ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك .

والثاني : معناه ديني ، قاله الحسن .

والثالث : معناه عبادتي ، قاله الزجاج ، من قولهم فلان ناسك أي عابد ، والفرق بين الدين والعبادة : أن الدين اعتقاد ، والعبادة عمل .

قوله تعالى : { وَمَحيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن حياته ومماته بيد الله تعالى لا يملك غيره له حياة ولا موتاً ، فلذلك كان له مصلياً وناسكاً .

والثاني : أن حياته لله في اختصاصها بطاعته ، ومماته له في رجوعه إلى مجازاته .

ووجدت فيها وجهاً ثالثاً : أن عملي في حياتي ووصيتي عند مماتي لله .

ثم قال : { رَبِّ العَالَمِينَ } صفة الله تعالى أنه مالك العالم دون غيره ، فلذلك كان أحق بالطاعة والتعبد من غيره .