لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (162)

{ قل إن صلاتي } أي : قل يا محمد إن صلاتي { ونسكي } قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والسدي : أراد بالنسك في هذا الموضع الذبيحة في الحج والعمرة ، وقيل : النسك العبادة والناسك العابد . وقيل : المناسك أعمال الحج . وقيل : النسك كل ما يتقرب به إلى الله تعالى من صلاة وحج وذبح وعبادة . ونقل الواحدي عن أبي الأعرابي قال : النسك سبائك الفضة كل سبيكة منها نسيكة وقيل للمتعبد ناسك لأنه خلص نفسه من دنس الآثام وصفاها كالسبيكة المخلصة من الخبث .

وفي قوله إن صلاتي ونسكي دليل على أن جميع العبادات يؤديها العبد على الإخلاص لله ويؤكد هذا قوله لله رب العالمين لا شريك له وفيه دليل على أن جميع العبادات لا تؤدى إلا على وجه التمام والكمال لأن ما كان لله لا ينبغي أن يكون إلا كاملاً تاماً مع إخلاص العبادة له فما بهذه الصفة من العبادات كان مقبولاً { ومحياي ومماتي } أي حياتي وموتي بخلق الله وقضائه وقدره أي هو يحييني ويميتني وقيل معناه إن محياي بالعمل الصالح ومماتي إذا مت على الإيمان لله ، وقيل : معناه إن طاعتي في حياتي لله وجزائي بعد مماتي من الله وحاصل هذا الكلام له أن الله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين أن صلاته ونسكه وسائر عباداته وحياته وموته كلها واقعة بخلق الله وقضائه وقدره . وهو المراد بقوله { لله رب العالمين لا شريك له } .