تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

ثم ذكر تعالى ، سوء مصير الكافرين فقال : { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ } أي : تغشاهم من جميع جوانبهم ، حتى تصيب أعضاءهم الشريفة ، ويتقطع لهبها عن وجوههم ، { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قد عبست وجوههم ، وقلصت شفاههم ، من شدة ما هم فيه ، وعظيم ما يلقونه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } واللفح : الإحراق الشديد يقال : فلان لفحته النار تلفحه لفحا ولفحانا إذا أحرقته .

والكلوح ، هو أن تتقلص الشفتان ، وتتكشف الأسنان ، لأن النار قد أحرقت الشفتين ، كما يشاهد - والعياذ بالله - رأس الشاة بعد شويها .

أى : تحرق النار وجوه هؤلاء الأشقياء ، وهم فيها متقلصو الشفاه عن الأسنان ، من أثر ذلك الإحراق واللفح .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

99

ومشهد لفح النار للوجوه حتى تكلح ، وتشوه هيئتها ، ويكدر لونها . . مشهد مؤذ أليم .

وهؤلاء الذين خفت موازينهم خسروا كل شيء . فقد خسروا أنفسهم . وحين يخسر الإنسان نفسه فماذا يملك إذن ? وما الذي يتبقى له . وقد خسر نفسه التي بين جنبيه ، وخسر ذاته التي تميزه ، فكأنما لم يكن له وجود .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

وقوله : تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارَ يقول : تَسْفَع وجوهَهم النار . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ قال : تنفَح .

وَهُمْ فِيها كالحُونَ والكُلوح : أن تتقلّص الشفتان عن الأسنان حتى تبدو الأسنان ، كما قال الأعشي :

وَلَهُ المُقَدّمُ لا مِثْلَ لَهُ *** ساعَةَ الشّدْقُ عَنِ النّابِ كَلَحْ

فتأويل الكلام : يَسْفَع وجوههم لهب النار فتُحْرقها ، وهم فيها متقلصوا الشفاه عن الأسنان من إحراق النار وجوههم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : ثني عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَهُمْ فِيها كالِحُونَ يقول : عابسون .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى وعبد الرحمن ، قالا : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عن عبد الله ، في قوله : وَهُمْ فِيها كالِحُونَ قال : ألم تر إلى الرأس المشيط قد بدت أسنانه وقَلَصت شفتاه ؟ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عن عبد الله ، قرأ هذه الاَية : تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ . . . الاَية ، قال : ألم تر إلى الرأس المشيط بالنار وقد قَلَصت شفتاه وبدت أسنانه ؟ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَهُمْ فِيها كالِحُونَ قال : ألم تر إلى الغنم إذا مست النار وجوهها كيف هي ؟ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

و «لفح النار » إصابتها بالوهج والإحراق ، وقرأ أبو حيوة «كلحون » بغير ألف ، والكلوح : انكشاف الشفتين عن الأسنان ، وهذا يعتري الإنسان عن المباطشة مع الغضب ، ويعتري الرؤوس عند النار ، وقد شبه عبد الله بن مسعود في هذه الآية مما يعتري رؤوس الكباش إذا شيطت بالنار فإنها تكلح{[8549]} ومعه كلوح الكلب والأسد ويستعار للزمن والخطوب .


[8549]:أخرج الإمام أحمد، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} قال: تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته).