{ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ } أي : جزاءهم على أعمالهم ، الجزاء الحق ، الذي بالعدل والقسط ، يجدون جزاءها موفرا ، لم يفقدوا منها شيئا ، { وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } ويعلمون في ذلك الموقف العظيم ، أن الله هو الحق المبين ، فيعلمون انحصار الحق المبين في الله تعالى .
فأوصافه العظيمة حق ، وأفعاله هي الحق ، وعبادته هي الحق ، ولقاؤه حق ، ووعده ووعيده ، وحكمه الديني والجزائي حق ، ورسله حق ، فلا ثم حق ، إلا في الله وما من الله .
والمراد بالدين فى قوله – تعالى : { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ الله دِينَهُمُ الحق . . . } الجزاء الذى يستحقونه بسبب آثامهم . ويوفيهم : من التوفية بمعنى إعطاء الشىء كاملا ووافيا . وقوله : " يومئذ " ظرف ليوفيهم .
أى : فى هذا اليوم العظيم وهو القيامة . الذى تشهد فيه الجوارح على صاحبها ، يجازى الله - تعالى - هؤلاء الفاسقين الجزاء الحق العادل الذى يستحقونه بسبب رميهم النساء المحصنات الغافلات المؤمنات بالفاحشة .
" ويعلمون " علما لا مجال معه للشك أو الريب عندما يشاهدون العذاب " أن الله " - تعالى - هو الإله " الحق " فى ذاته وصفاته وأفعاله ، وأنه - عز وجل - هو " المبين " أى : المظهر لما أبطنته النفوس ، وخبأته الضمائر ، والقادر على مجازاة الذين أساءوا بما عملوا ، وعلى مجازاة الذين أحسنوا بالحسنى .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقّ وَيَعْلَمُونَ أَنّ اللّهَ هُوَ الْحَقّ الْمُبِينُ } .
يقول تعالى ذكره : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ألْسِنَتُهُمْ وأيْدِيهِمْ وأرْجُلُهُمْ بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يوفيهم الله حسابهم وجزاءهم الحقّ على أعمالهم . والدّين في هذا الموضع : الحساب والجزاء ، كما :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دينَهُمُ الحَقّ يقول : حسابهم .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : الحَقّ فقرأته عامة قرّاء الأمصار : دِينَهُمُ الحَقّ نصبا على النعت للدين ، كأنه قال : يوفيهم الله أعمالهم حقّا . ثم أدخل في الحقّ الألف واللام ، فنصب بما نصب به الدين . وذُكر عن مجاهد أنه قرأ ذلك : «يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الحَقّ » برفع «الحقّ » على أنه من نعت الله .
حدثنا بذلك أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا يزيد ، عن جرير بن حازم ، عن حميد ، عن مجاهد ، أنه قرأها «الحقّ » بالرفع . قال جرير : وقرأتها في مصحف أُبيّ بن كعب يُوَفّيهِمُ اللّهُ الحَقّ دِينَهُمْ .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار ، وهو نصب «الحقّ » على إتباعه إعراب «الدين » لإجماع الحجة عليه .
وقوله : وَيَعْلَمُونَ أنّ اللّهَ هُوَ الحَقّ المُبِينُ يقول : ويعلمون يومئذٍ أن الله هو الحقّ الذي يبين لهم حقائق ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب ، ويزول حينئذٍ الشكّ فيه عن أهل النفاق الذين كانوا فيما كان يَعِدُهم في الدنيا يمترون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.