تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

لكن فصل هذه الأشياء لتعلم فتشتاق النفوس إليها ، ذكر أزواجهم فقال : { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ } أي : وعند أهل دار النعيم ، في محلاتهم القريبة ، حور حسان ، كاملات الأوصاف ، قاصرات الطرف ، إما أنها قصرت طرفها على زوجها ، لعفتها وعدم مجاوزته لغيره ، ولجمال زوجها وكماله ، بحيث لا تطلب في الجنة سواه ، ولا ترغب إلا به ، وإما لأنها قصرت طرف زوجها عليها ، وذلك يدل على كمالها وجمالها الفائق ، الذي أوجب لزوجها ، أن يقصر طرفه عليها ، وقصر الطرف أيضا ، يدل على قصر النفس والمحبة عليها ، وكلا المعنيين محتمل ، وكلاهما صحيح ، و [ كل ] هذا يدل على جمال الرجال والنساء في الجنة ، ومحبة بعضهم بعضا ، محبة لا يطمح إلى غيره ، وشدة عفتهم كلهم ، وأنه لا حسد فيها ولا تباغض ، ولا تشاحن ، وذلك لانتفاء أسبابه .

{ عِينٌ } أي : حسان الأعين جميلاتها ، ملاح الحدق .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

وقوله - تعالى - : { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف عِينٌ } بيان لمتعة أخرى من المتع التى أحلها الله - تعالى - لهم .

وقاصرات : من القصر بمعنى الحبس ، وعين ، جمع عيناء ، وهى المرأة الواسعة العين فى جمال . أى وفضلا عن ذلك ، فقد متعنا هؤلاء العباد بمتع أخرى . وهى أننا جعلنا عندهم اللمؤانسة نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن لا يمدونها إلى غيرهم ، لشدة محبتهن لهم ، ومن صفات هؤلاء النساء - أيضا أنهن جميلات العيون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطّرْفِ عِينٌ * كَأَنّهُنّ بَيْضٌ مّكْنُونٌ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وعند هؤلاء المخلَصين من عباد الله في الجنة قاصرات الطرف ، وهنّ النساء اللواتي قَصَرْن أطرافهنّ على بُعُولتهنّ ، لا يُرِدْن غيرهم ، ولا يَمْدُدْن أبصارهنّ إلى غيرهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علّي ، عن ابن عباس وَعِنْدَهُمْ قاصِرَاتُ الطّرْفِ عِينٌ يقول : عن غير أزواجهنّ .

حدثني محم بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطّرْفِ عِينٌ قال : على أزواجهن زاد الحارث في حديثه : لا تبغي غيرهم .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وَعِنْدَهُمْ قاصِرَاتُ الطّرْفِ قال : قَصَرْن أبصارهنّ وقلوبهنّ على أزواجهن ، فلا يُردن غيرهم .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : ذُكر أيضا عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَعِنْدَهُمْ قاصِرَاتُ الطّرْفِ قال : قَصَرْن طرفهنّ على أزواجهنّ ، فلا يُردْن غيرهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله قاصِراتُ الطّرْفِ قال : لا ينظرن إلا إلى أزواجهنّ ، قد قَصَرْن أطرافهنّ على أزواجهنّ ، ليس كما يكون نساء أهل الدنيا .

وقوله : عِينٌ يعني بالعِين : النّجْلَ العيون عِظامها ، وهي جمع عيناء ، والعيناء : المرأة الواسعة العين عظيمتها ، وهي أحسن ما تكون من العيون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : عِينٌ قال : عظام الأعين .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : عِينٌ قال : العَيناء : العظيمة العين .

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا محمد بن الفرج الصّدَفي الدّمْياطيّ ، عن عمرو بن هاشم ، عن ابن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن أبيه ، عن أمّ سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أنها قالت : قلت : يا رسول الله أخبرني عن قول الله : حُورٌ عِينٌ قال : «العِينُ : الضّخامُ العُيُونِ شُفْرُ الحَوْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ جَناحِ النّسْرِ » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

{ وعندهم قاصرات الطرف } قصرن أبصارهن على أزواجهن . { عين } نجل العيون جمع عيناء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

و { قاصرات الطرف } قال ابن عباس ومجاهد وابن زيد وقتادة على أزواجهن أي لا ينظرن إلى غيرهم ولا يمتد طرف إحداهن إلى أجنبي ، فهذا هو قصر الطرف ، و { عين } جمع عيناء وهي الكبيرة العينين في جمال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

و{ قاصِراتُ الطَّرْفِ } أي حابسات أنظارهن حياء وغَنجاً . والطرف : العين ، وهو مفرد لا جمع له من لفظه لأن أصل الطرف مصدر : طَرَفَ بعينه من باب ضَرب ، إذا حرّك جفنيه ، فسُميّت العين طرفاً ، فالطرف هنا الأعين ، أي قاصرات الأعين ، وتقدم عند قوله تعالى : { لا يرتد إليهم طرفهم } في سورة [ إبراهيم : 43 ] ، وقوله : { قبل أن يرتد إليك طرفك } في سورة [ النمل : 40 ] .

وذكر « عند » لإِفادة أنهن ملابسات لهم في مجالسهم التي تُدار عليهم فيها كأس الجنة ، وكان حضور الجواري مجالس الشراب من مكملات الأنس والطرب عند سادة العرب ، قال طرفة :

نَداماي بيض كالنجوم وقَينة *** تروحُ علينا بين برد ومِجْسَد

و { عِينٌ } جمع : عَيْنَاء ، وهي المرأة الواسعة العين النجلاوتها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وعند هؤلاء المخلَصين من عباد الله في الجنة "قاصرات الطرف"، وهنّ النساء اللواتي قَصَرْن أطرافهنّ على بُعُولتهنّ، لا يُرِدْن غيرهم، ولا يَمْدُدْن أبصارهنّ إلى غيرهم...

وقوله: "عِينٌ "يعني بالعِين: النّجْلَ العيون عِظامها، وهي جمع عيناء، والعيناء: المرأة الواسعة العين عظيمتها، وهي أحسن ما تكون من العيون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

معناه أن الله تعالى جبل البشر على الغيرة، فلا يستحب الرجال أن تنظر أزواجهم إلى غيرهم، ولا النساء أن ينظر أزواجهن إلى غيرهن، فأخبر عز وجل عن أزواجهم أنهن لا ينظرن إلى غير أزواجهن حبًّا لأزواجهن وطلبا لمرضاتهن.

{عين} قال بعضهم: واسعات العيون في الجمال، لأن السعة في العين إذا جاوزت الحدّ فُحش، ولا يكون فيه جمال، ولكن يكون فيه قبح.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

قاصرات راضيات من قولهم: اقتصرت على كذا.

" عين "الشديدة كبياض العين الشديدة سوادها.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لما ذكر الله تعالى صفة مشروبهم ذكر عقيبه صفة منكوحهم.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

وصف عيونهن بالحسن والعفة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان ذلك كله لا يكمل إلا بالجماع، والخمر أدعى شيء إليه، وهو لا يكمل النعيم به إلا بالاختصاص قال: {وعندهم} نساء من أهل الدنيا وغيرها {قاصرات الطرف} أي لا تطرف واحدة منهن إلى غير زوجها، ولا يدعه تناهي حسنها وفرط جمالها طرفها يطرف إلى غيرها {عين}.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ذكر « عند» لإِفادة أنهن ملابسات لهم في مجالسهم التي تُدار عليهم فيها كأس الجنة، وكان حضور الجواري مجالس الشراب من مكملات الأنس والطرب عند سادة العرب.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

هذا وَصْف لنساء الجنة فهُنَّ {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ..} يعني: تغضّ بصرها، فلا تنظر إلى غير زوجها...

فالحق سبحانه يحفظ حُسْن المرأة، ويحرص على التكوين العفيف في المجتمع، ليأتيَ النسْلُ شريفاً طاهراً، وهذه المقاييس التي للمؤمنة في الدنيا هي كذلك في الآخرة، فكأن الحق سبحانه يُطمئن الأزواج على هذه الخصوصية، ويؤكد أن الزوجة فيها لا يشاركه فيها أحد، ولو حتى بالنظرة...

ومعنى (عندهم) يعني: في حَوْزتهم؛ لأنها من مَتَاع الجنة، فمَنِ اشتهى منهن شيئاً وجده.