اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِينٞ} (48)

ولما ذكر تعالى صفة مشروبهم ذكر عقيبه صفة منكوحهم فقال : «وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ » . «قاصرات الطرف » يجوز أن يكون من باب الصّفة المشبهة{[47002]} أي قاصراتٌ أطرافُهن كمُنْطَلِقُ اللّسانِ ، وأن يكون من باب إطلاق اسم الفاعل{[47003]} على أصله . فعلى الأول المضاف إليه مرفوع المحل{[47004]} وعلى الثاني منصوبه{[47005]} أي قَصَرْنَ أطْرَافَهُنَّ على أزواجهن . وهو مدح عظيم قال امرؤ القيس :

4201- مِنَ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لَو دَبّ مُحْوِلٌ . . . مِنَ الذِّرِّ فَوْقَ الإتْبِ مِنْهَا لأَثّرَا{[47006]}

ومعنى القصر في اللغة الحبس ومنه قوله تعالى : { مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام } [ الرحمن : 72 ] . والمعنى أنهن يَحْبسْنَ نظرهُنَّ ولا ينظرن إلى غير أزواجهن ، والعِينُ جمع عَيْنَاءَ وهي الواسعة العينين والذَّكَرُ أعْيَنُ{[47007]} ، قال الزجاج كِبَارُ الأعْين حِسَانُها{[47008]} ، يقال رَجُلٌ أَعَيْنُ ، وامرأة عَيْنَاهُ ، ورجالٌ ونِسَاءٌ عِينٌ . {[47009]}


[47002]:حيث إنها تدل على الثبوت والدوام بخلاف.
[47003]:اسم فاعل فإنه يدل على التجدد والحدوث.
[47004]:على اعتبار أن الطرف هو القاصر أي قصر طرفهن.
[47005]:على اعتبار أن الطرف مقصور والفاعل ضمير في اسم الفاعل، كما أول: "قصرن أطرافهن".
[47006]:له من الطويل والمحول: الصغير من الذر وهو ضرب من النمل، والإتب القميص ويروى فوق الخد. وهو يقول لا تنظر إلا إلى بعلها فقط والشاهد "قاصرات الطرف" فإنه اسم فاعل أضيف إلى مفعوله فهو منصوب وقد تقدم.
[47007]:قاله أبو عبيدة 2/170.
[47008]:معاني القرآن وإعرابه 4/304.
[47009]:اللسان عين 3196، 3197.