وقوله : { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ . . } أى : وأهلك - أيضا - قوم نوح من قبل إهلاكه لعاد وثمود . .
{ إِنَّهُمْ كَانُواْ } أى : قوم نوح { هُمْ أَظْلَمَ وأطغى } أى : هم كانوا أشد فى الظلم والطغيان من عاد وثمود ، فقد آذوا نوحا - عليه السلام - أذى شديدا ، استمر صابرا عليه زمنا طويلا . وكان هلاكهم بالطوفان ، كما قال - تعالى - : { فَأَخَذَهُمُ الطوفان وَهُمْ ظَالِمُونَ } وقدم قبيلتى عاد وثمود فى الذكر على قوم نوح - مع أن قوم نوح أسبق - لأن هاتين القبيلتين كانتا مشهورتين عند العرب أكثر ، وديارهم معروفة لهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ إِنّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىَ * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىَ * فَغَشّاهَا مَا غَشّىَ } .
يقول تعالى ذكره : وأنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود ، إنهم كانوا هم أشدّ ظلما لأنفسهم ، وأعظم كفرا بربهم ، وأشدّ طغيانا وتمردّا على الله من الذين أهلكهم من بعد من الأمم ، وكان طغيانهم الذي وصفهم الله به ، وأنهم كانوا بذلك أكثر طغيانا من غيرهم من الأمم . كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إنّهُمْ كانُوا هُمْ أظْلَم وأطْغَى لم يكن قبيل من الناس هم أظلم وأطغى من قوم نوح ، دعاهم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم نوح ألف سنة إلاّ خمسين عاما ، كلما هلك قرن ونشأ قرن دعاهم نبيّ الله حتى ذكر لنا أن الرجل كان يأخذ بيد ابنه فيمشي به ، فيقول : يا بنيّ إن أبي قد مشى بي إلى هذا ، وأنا مثلك يومئذٍ تتابُعا في الضلالة ، وتكذيبا بأمر الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : إنّهُمْ كانُوا هُمْ أظْلَمَ وأطْغَى قال : دعاهم نبيّ الله ألف سنة إلاّ خمسين عاما .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
وأهلك {وقوم نوح} بالغرق {من قبل} هلاك عاد وثمود. {إنهم كانوا هم أظلم وأطغى} من عاد وثمود، وذلك أن نوحا دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما فلم يجيبوه...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وأنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود، إنهم كانوا هم أشدّ ظلما لأنفسهم، وأعظم كفرا بربهم، وأشدّ طغيانا وتمردّا على الله من الذين أهلكهم من بعد من الأمم، وكان طغيانهم الذي وصفهم الله به، وأنهم كانوا بذلك أكثر طغيانا من غيرهم من الأمم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
وقوم نوح من قبل " معناه وأهلكنا قوم نوح من قبل قوم صالح " " فالأظلم: الأعظم ظلما، والأطغى: الأعظم طغيانا، فالظلم يتعاظم كما يتعاظم الضرر، وعظم الظلم بحسب عظم الزاجر عنه.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{من قبل} لأنهم كانوا أول أمة كذبت من أهل الأرض، و {نوح} أول الرسل، وجعلهم {أظلم وأطغى}: لأنهم سبقوا إلى التكذيب دون اقتداء بأحد قبلهم، وأيضاً فإنهم كانوا في غاية من العتو.
أما الظلم فلأنهم هم البادئون به المتقدمون فيه...
وأما أطغى فلأنهم سمعوا المواعظ وطال عليهم الأمد ولم يرتدعوا حتى دعا عليهم نبيهم، ولا يدعو نبي على قومه إلا بعد الإصرار العظيم، والظالم: واضع الشيء في غير موضعه، والطاغي: المجاوز الحد، فالطاغي أدخل في الظلم...
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
وقيل: إن الكناية ترجع إلى كل من ذكر من عاد وثمود وقوم نوح، أي كانوا أكفر من مشركي العرب وأطغى. فيكون فيه تسلية وتعزية للنبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه يقول له: فاصبر أنت أيضا فالعاقبة الحميدة لك...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وضمير الجمع في {إنهم كانوا} يجوز أن يعود إلى قوم نوح، أي كانوا أظلم وأطغى من عاد وثمود. ويجوز أن يكون عائداً إلى عاد وثمود وقوم نوح والمعنى: إنهم أظلم وأطغى من قومك الذين كذبوك فتكون تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن الرسل من قبله لقُوا من أممهم أشد مما لقيه محمد صلى الله عليه وسلم وفيه إيماء إلى أن الله مبق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلا يهلكها لأنه قدّر دخول بقيتها في الإسلام ثم أبنائها. وضمير الفصل في قوله {كانوا هم أظلم} لتقوية الخبر...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.