السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَوۡمَ نُوحٖ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ هُمۡ أَظۡلَمَ وَأَطۡغَىٰ} (52)

{ وقوم نوح } أي : أهلكهم لأجل ظلمهم بالتكذيب { من قبل } أي : قبل الفريقين { إنهم } أي : قوم نوح { كانوا } أي : بما لهم من الأخلاق التي هي كالجبلات التي لا انفكاك عنها { هم } أي : خاصة { أظلم } أي : من الطائفتين المذكورتين { وأطغى } أي : وأشدّ تجاوزاً في الظلم وعلوّاً وإسرافاً في المعاصي وتجبراً وعتوّاً لتمادي دعوة نوح عليه السلام قريباً من ألف سنة ، ولأنهم أطول أعماراً وأشدّ أبداناً وكانوا مع ذلك ملء الأرض ، روي أنّ الرجل منهم كان يأخذ بيد ابنه فينطلق به إلى نوح عليه السلام فيقول : احذر هذا فإنه كذاب ، وإنّ أبي قد مشى بي إلى هذا وقال لي ما قلت لك فيموت الكبير على الكفر وينشأ الصغير على وصية أبيه ولهذا قال نوح عليه السلام : { رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً 26 إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً } [ نوح : 26 27 ] .