تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ} (78)

{ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي } فليضروني بأدنى شيء من الضرر ، وليكيدوني ، فلا يقدرون .

{ إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } هو المنفرد بنعمة الخلق ، ونعمة الهداية للمصالح الدينية والدنيوية .

ثم خصص منها بعض الضروريات فقال : { وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } فهذا هو وحده المنفرد بذلك ، فيجب أن يفرد بالعبادة والطاعة ، وتترك هذه الأصنام ، التي لا تخلق ، ولا تهدي ، ولا تمرض ، ولا تشفي ، ولا تطعم ولا تسقي ، ولا تميت ، ولا تحيي ، ولا تنفع عابديها ، بكشف الكروب ، ولا مغفرة الذنوب .

فهذا دليل قاطع ، وحجة باهرة ، لا تقدرون أنتم وآباؤكم على معارضتها ، فدل على اشتراككم في الضلال ، وترككم طريق الهدى والرشد . قال الله تعالى : { وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ } الآيات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ} (78)

ثم حكى القرآن الكريم ، ما وصف به إبراهيم خالقه من صفات كريمة تليق بجلاله - سبحانه - فقال : { الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } أى : أخلص عبادتى لرب العالمين ، الذى أوجدنى بقدرته ، والذى يهدينى وحده إلى ما يصلح شأنى فى دنياى وفى آخرتى .

قال الجمل وقوله : { الذي خَلَقَنِي } يجوز فيه أوجه : النصب على النعت لرب العالمين أو البدل أو عطف البيان . . أو الرفع على الابتداء . وقوله { فَهُوَ يَهْدِينِ } جملة اسمية فى محل رفع خبر له .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ} (78)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } .

يقول : فإنهم عدوّ لي إلا ربّ العالمين الّذي خَلَقَنِي فَهُو يَهْدِينِ للصواب من القول والعمل ، ويسدّدني للرشاد وَالّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ يقول : والذي يغدوني بالطعام والشراب ، ويرزقني الأرزاق وَإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ يقول : وإذا سقم جسمي واعتلّ ، فهو يبرئه ويعافيه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ} (78)

{ الذي خلقني فهو يهدين } لأنه يهدي كل مخلوق لما خلق له من أمور المعاش والمعاد كما قال تعالى { والذي قدر فهدى } هداية مدرجة من مبدأ إيجاده إلى منتهى أجله يتمكن بها من جلب المنافع ودفع المضار ، مبدؤها بالنسبة إلى الإنسان هداية الجنين إلى امتصاص دم الطمث من الرحم ، ومنتهاها الهداية إلى طريق الجنة والتنعم بلذائذها ، والفاء للسببية إن جعل الموصول مبتدأ وللعطف إن جعل صفة رب العالمين فيكون اختلاف النظم لتقدم الخلق واستمرار الهداية .