السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ} (78)

ثم شرع يصفه بما هم به عالمون من أنه على الضدّ الأقصى من كل ما عليه أصنامهم بقوله : { الذي خلقني } أي : أوجدني على هيئة التقدير والتصوير { فهو } أي : فتسبب عن تفرده بخلقي أنه هو لا غيره { يهدين } أي : إلى الرشاد ولا يعلم باطن المخلوق ويقدر على التصرف فيه غير خالقه ولا يكون خالقه إلا سميعاً بصيراً ضاراً نافعاً له الكمال كله وذكر الخلق بالماضي لأنه لا يتجدد في الدنيا ، والهداية بالمضارعة لتجددها وتكرّرها ، لأنه تعالى لما أتم خلقه ونفخ فيه الروح عقب ذلك هدايته المتصلة التي لا تنقطع إلى كل ما يصلحه ويعينه وإلا فمن هداه إلى أن يتغذى بالدم في البطن امتصاصاً ؟ ومن هداه إلى معرفة الثدي عند الولادة وإلى معرفة مكانه ؟ ومن هداه لكيفية الارتضاع إلى غير ذلك ديناً ودنياً .