فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهۡدِينِ} (78)

{ أفرأيتم ما كنتم تعبدون . أنتم وآباؤكم الأقدمون . فإنهم عدو لي } أنظرتم فأبصرتم أو تأملتم فعلمتم أي شيء استدمتم على عبادته ؟ أو أي شيء تعبدونه ؟   ! { أنتم وآباؤكم الأقدمين } والكلام إنكار وتوبيخ يتضمن بطلان آلهتهم وعبادتها ، وأن عبادتها ، ضلال قديم ، لا فائدة في قدمه إلا ظهور بطلانه ، كما يؤذن بهذا وصف آبائهم بالأقدمين ، وقوله تعالى : { فإنهم عدو لي } قيل : تعليل لما يفهم من ذلك ، من أني لا أعبدهم ، أولا تصح عبادتهم . . . وقال النسفي العدو اسم للمعادي والمعادى جميعا . . . وضمير{ إنهم } عائد على{ ما } ، وجمع مراعاة لمعناها ، وإفراد العدو مع أنه خبر عن الجمع إلا لأنه مصدر في الأصل فيطلق على الواحد ، المذكر وغيره ، أو لاتحاد الكل في معنى العداوة-{[2691]} .

{ إلا رب العالمين }لكن رب العالمين وليي ، ويسمع من ناداه ، ويستجيب لمن دعاه ، وهو الضار المدافع ، وهو الخلاق العليم ، الرزاق ذو القوة المتين ، فهو خالقي والخلق كافة ، وهو الهادي إلى الحق والطريق المستقيم ) . . أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون( {[2692]} ، وهو الذي قدر الأقوات ، وقسم الأرزاق ، وأمدنا بالماء والسقيا ، ولقد بين القرآن الحجة البالغة في الخلق والرزق في آيات مباركة كثيرة منها قول الله تبارك اسمه : )أفرأيتم ما تمنون . أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون( {[2693]} )ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون( {[2694]} ) أفرأيتم ما تحرثون . أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون . لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون . إنا لمغرمون . بل نحن محرومون . أفرأيتم الماء الذي تشربون . أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون . لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون( {[2695]} .


[2691]:ما بين العارضتين من روح المعاني.
[2692]:سورة يونس. من الآية 35.
[2693]:سورة الواقعة. الآيتان 58-59.
[2694]:سورة الواقعة. الآية 62.
[2695]:سورة الواقعة. الآيات من 63 إلى 70.