تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأۡخُذَ إِلَّا مَن وَجَدۡنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّظَٰلِمُونَ} (79)

ف { قَالَ } يوسف { مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ } أي : هذا ظلم منا ، لو أخذنا البريء بذنب من وجدنا متاعنا عنده ، ولم يقل " من سرق " كل هذا تحرز من الكذب ، { إِنَّا إِذًا } أي : إن أخذنا غير من وجد في رحله { لَظَالِمُونَ } حيث وضعنا العقوبة في غير موضعها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأۡخُذَ إِلَّا مَن وَجَدۡنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّظَٰلِمُونَ} (79)

ولكن هذا الرجاء والتلطف والاستعطاف منهم يوسف ، لم ينفعهم شيئاً ، فقد رد عليهم في حزم وحسم بقوله : { قَالَ مَعَاذَ الله أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ . . } و { معاذ } منصوب بفعل محذوف .

أى : قال يوسف لهم : نعوذ بالله - تعالى - معاذا ، من أن نأخذ في جريمة السرقة إلا الشخص الذي وجدنا صواع الملك عنده وهو " بنيامين "

وأنتم الذين أفتيتم بأن السارق في شريعتكم عقوبته استرقاقه لمدة سنة ، فنحن نسير في هذا الحكم تبعاً لشريعتكم .

{ إِنَّآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } إذا أخذنا شخصاً آخر سوى الذي وجدنا متاعنا عنده ، والظلم تأباه شريعتنا كما تأباه شريعتكم ، فاتركوا الجدال في هذا الأمر الذي لا ينفع معه الجدال ، لأننا لا نريد أن نكون ظالمين .

وبهذا الرد الحاسم قطع يوسف حبال آمال إخوته في العفو عن بنيامين أو في أخذ أحدهم مكانه ، فانسحبوا من أمامه تعلوهم الكآبة ، وطفقوا يفكرون في مصيرهم وفى موقفهم من أبيهم عند العودة إليه .

وقد حكى القرآن ذلك بأسلوبه البليغ فقال : { فَلَمَّا استيأسوا مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تعلموا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ الله وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ . . . } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأۡخُذَ إِلَّا مَن وَجَدۡنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّظَٰلِمُونَ} (79)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نّأْخُذَ إِلاّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنّآ إِذاً لّظَالِمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال يوسف لإخوته : مَعاذَ اللّهِ أعوذ بالله . وكذلك تفعل العرب في كل مصدر وضعته موضع يَفْعَل ويَفْعِل ، فإنها تنصب ، كقولهم : حمدا لله وشكرا له ، بمعنى : أحمد الله وأشكره والعرب تقول في ذلك : معاذ الله ، ومعاذة الله ، فتدخل فيه هاء التأنيث كما يقولون : ما أحسن معناه هذا الكلام ، وعوذ الله ، وعوذة الله ، وعياذ الله ويقولون : اللهمّ عائذا بك ، كأنه قيل : أعوذ بك عائذا ، أو أدعوك عائذا . أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ يقول : أستجير بالله من أن نأخذ بريئا بسقيم . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : قالَ مَعاذَ اللّهِ أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وَجَدْنا متَاعَنا عِنْدَهُ إنّا إذًا لَظالِمُونَ يقول : إن أخذنا غير الذي وجدنا متاعنا عنده أنا إذا نفعل ما ليس لنا فعله ، ونجور على الناس .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ : قالُوا يا أيّها العَزِيزُ إنّ لَهُ أبا شَيْخا كَبِيرا فَخُذْ أحَدَنا مَكانَهُ إنّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسنِين قالَ مَعاذَ اللّهِ أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إنّا إذًا لَظالِمُونَ قال يوسف : إذا أتيتم أباكم فأقرئوه السلام ، وقولوا له : إن ملك مصر يدعو لك أن لا تموت حتى ترى ابنك يوسف ، حتى يعلم أن في أرض مصر صدّيقين مثله .