جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأۡخُذَ إِلَّا مَن وَجَدۡنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّظَٰلِمُونَ} (79)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نّأْخُذَ إِلاّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنّآ إِذاً لّظَالِمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال يوسف لإخوته : مَعاذَ اللّهِ أعوذ بالله . وكذلك تفعل العرب في كل مصدر وضعته موضع يَفْعَل ويَفْعِل ، فإنها تنصب ، كقولهم : حمدا لله وشكرا له ، بمعنى : أحمد الله وأشكره والعرب تقول في ذلك : معاذ الله ، ومعاذة الله ، فتدخل فيه هاء التأنيث كما يقولون : ما أحسن معناه هذا الكلام ، وعوذ الله ، وعوذة الله ، وعياذ الله ويقولون : اللهمّ عائذا بك ، كأنه قيل : أعوذ بك عائذا ، أو أدعوك عائذا . أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ يقول : أستجير بالله من أن نأخذ بريئا بسقيم . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : قالَ مَعاذَ اللّهِ أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وَجَدْنا متَاعَنا عِنْدَهُ إنّا إذًا لَظالِمُونَ يقول : إن أخذنا غير الذي وجدنا متاعنا عنده أنا إذا نفعل ما ليس لنا فعله ، ونجور على الناس .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ : قالُوا يا أيّها العَزِيزُ إنّ لَهُ أبا شَيْخا كَبِيرا فَخُذْ أحَدَنا مَكانَهُ إنّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسنِين قالَ مَعاذَ اللّهِ أنْ نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إنّا إذًا لَظالِمُونَ قال يوسف : إذا أتيتم أباكم فأقرئوه السلام ، وقولوا له : إن ملك مصر يدعو لك أن لا تموت حتى ترى ابنك يوسف ، حتى يعلم أن في أرض مصر صدّيقين مثله .