فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأۡخُذَ إِلَّا مَن وَجَدۡنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّظَٰلِمُونَ} (79)

فأجاب عليهم يوسف و { قال معاذ الله } أي نعوذ بالله معاذا فهو مصدر والمستعيذ بالله هو المستعصم به { أن } أي من أن { نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده } وهو بنيامين لأنه الذي وجد الصواع في رحله فقد حل لنا استعباده بفتواكم التي أفتيتمونا بقولكم { جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه } ولم يقل { من سرق } تحرزا عن الكذب لأنه يعلم أن أخاه ليس بسارق .

وفيه جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل إذا لم تخالف شريعة ولا هدمت أصلا ، ولعل الله أمر يوسف عليه السلام بذلك تشديدا للمحنة على يعقوب ، ونهاه عن العفو والصفح وأخذ البدل كما أمر صاحب موسى بقتل من لو بقي لطغى وكفر ، قاله ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب . وجزم صاحب الكشاف بأن هذه الواقعة كانت بوحي كما مر مرارا { إنا إذا } أي إذا أخذنا غير من وجدنا متاعنا عنده { لظالمون } في دينكم وما تقتضيه فتواكم .