إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأۡخُذَ إِلَّا مَن وَجَدۡنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذٗا لَّظَٰلِمُونَ} (79)

{ قَالَ مَعَاذَ الله } أي نعوذ بالله معاذاً من { أَن نأْخُذَ } فحُذف الفعلُ وأُقيم مُقامَه المصدرُ مضافاً إلى المفعول به بعد حذفِ الجارِّ { إِلاَّ مَن وَجَدْنَا متاعنا عِندَهُ } لأن أخْذنا له إنما هو بقضية فتواكم فليس لنا الإخلالُ بموجبها ، وإيثارُ صيغة التكلم مع الغير كون الخطابِ من جانب إخوتِه على التوحيد من باب السلوكِ إلى سنن الملوك ، أو للإشعار بأن الأخذَ والإعطاءَ ليس مما يُستبدّ به بل هو منوطٌ بآراء أولي الحلِّ والعقد ، وإيثارُ ( مَنْ وجدنا متاعنا عنده ) دون مَنْ سرق متاعنا لتحقيق الحقِّ والاحتراز عن الكذب في الكلام مع تمام المرام فإنهم لا يحمِلون وُجدان الصُّواعِ في الرحل على محمل غيرِ السرقة { إِنَّا إِذَاً } أي إذا أخذنا غيرَ من وجدنا متاعنا عنده ولو برضاه { لظالمون } في مذهبكم وما لنا ذلك ، وهذا المعنى هو الذي أريد بالكلام في أثناء الحوارِ ، وله معنى باطنٌ هو أن الله عز وجل إنما أمرني بالوحي أن آخذَ بنيامينَ لمصالحَ علمها الله في ذلك فلو أخذتُ غيرَه كنت ظالماً وعاملاً بخلاف الوحي .