تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلۡوَدُودُ} (14)

{ وَهُوَ الْغَفُورُ } الذي يغفر الذنوب جميعها لمن تاب ، ويعفو عن السيئات لمن استغفره وأناب .

{ الْوَدُودُ } الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال ، والمعاني والأفعال ، فمحبته في قلوب خواص خلقه ، التابعة لذلك ، لا يشبهها شيء من أنواع المحاب ، ولهذا كانت محبته أصل العبودية ، وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها ، وإن لم يكن غيرها تبعًا لها ، كانت عذابًا على أهلها ، وهو تعالى الودود ، الواد لأحبابه ، كما قال تعالى : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } والمودة هي المحبة الصافية ، وفي هذا سر لطيف ، حيث قرن { الودود } بالغفور ، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا ، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم ، فلا يقال : بل تغفر ذنوبهم ، ولا يرجع إليهم الود ، كما قاله بعض الغالطين .

بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب ، من رجل له راحلة ، عليها طعامه وشرابه وما يصلحه ، فأضلها في أرض فلاة مهلكة ، فأيس منها ، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت ، فبينما هو على تلك الحال ، إذا راحلته على رأسه ، فأخذ بخطامها ، فالله أعظم فرحًا بتوبة العبد من هذا براحلته ، وهذا أعظم فرح يقدر .

فلله الحمد والثناء ، وصفو الوداد ، ما أعظم بره ، وأكثر خيره ، وأغزر إحسانه ، وأوسع امتنانه "

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلۡوَدُودُ} (14)

{ وهو الغفور الودود } المحب أولياءه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلۡوَدُودُ} (14)

" وهو الغفور " أي الستور لذنوب عباده المؤمنين لا يفضحهم بها . " الودود " أي المحب لأوليائه . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : كما يود أحدكم أخاه بالبشرى والمحبة . وعنه أيضا " الودود " أي المتودد إلى أوليائه بالمغفرة ، وقال مجاهد : الواد لأوليائه ، فعول بمعنى فاعل . وقال ابن زيد : الرحيم ، وحكى المبرد عن إسماعيل بن إسحاق القاضي أن الودود هو الذي لا ولد له ، وأنشد قول الشاعر :

وأركب في الروع عُرْيَانَةً *** ذلولَ الجَنَاحِ لَقاحًا ودُودَا

أي لا ولد لها تحن إليه ، ويكون معنى الآية : إنه يغفر لعباده وليس له ولد يغفر لهم من أجله ، ليكون بالمغفرة متفضلا من غير جزاء . وقيل : الودود بمعنى المودود ، كركوب وحلوب ، أي يوده عباده الصالحون ويحبونه .

   
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلۡوَدُودُ} (14)

ولما ذكر سبحانه بطشه ، وكان القادر على العنف قد لا يقدر على اللطف ، وإن قدر فربما لم-{[72518]} يقدر على الإبلاغ{[72519]} في ذلك ، وكان لا يقدر على محو الذنوب أعيانها وآثارها عن كل أحد بحيث لا يحصل لصاحبها عقاب ولا عتاب من أحد أصلاً إلا من كان قادراً على كل شيء ، قال مبيناً لجميع ذلك دليلاً على أنه الفاعل المختار ، ومؤكداً لخروجه عن العوائد : { وهو } أي وحده { الغفور } أي المحاء{[72520]} لأعيان الذنوب وآثارها إذا أراد بحيث لا يحصل لمن محا ذنبه كدر من جهة ذلك الذنب أصلاً { الودود * } أي الذي يفعل بمن{[72521]} أراد فعل المحب الكثير{[72522]} المحبة فيجيبه{[72523]} إلى ما شاء ويلقي على صاحب الذنب الذي محاه عنه وداً أي محبة كبيرة واسعة ويجعل له في قلوب{[72524]} الخلق رحمة ، ومادة " ود " تدور على الاتساع كما بينته في سورة الروم ،


[72518]:زيد من م
[72519]:من ظ و م، وفي الأصل: البلاغ.
[72520]:من ظ و م، وفي الأصل: الماحي.
[72521]:من ظ و م، وفي الأصل: لمن.
[72522]:من ظ و م، وفي الأصل: الكبير.
[72523]:من ظ و م، وفي الأصل: فتحبه-كذا.
[72524]:من ظ و م، وفي الأصل: قلب.