ثم قال : { واغفر لاِبِى إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضالين } يعني : اهده إلى الحق من الضلالة والشرك . يعني : إنه كان من المشركين في الحال كقوله عز وجل : { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى المهد صَبِيّاً } [ مريم : 29 ] يعني : من هو في الحال صبي . ويقال : إنه كان من الضالين حين فارقته كقوله : { أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لمساكين يَعْمَلُونَ فِى البحر فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } [ الكهف : 79 ] وهذا الاستغفار حين كان وعده بالإسلام .
وقال مقاتل : إن إبراهيم عليه السلام قد كذب ثلاث كذبات ، وأخطأ ثلاث خطيئات ، وابتلي بثلاث بليات ، وسقط سقطة ، فأما الكذبات فقال : { فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ } [ الصافات : 89 ] وقوله : { قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَاسْألُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } [ الأنبياء : 63 ] وقوله لسارة حين قال هي أختي . والخطايا قوله للنجم والشمس والقمر : { فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً قَالَ هذا رَبِّى هاذآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ ياقوم إِنِّى برىء مِّمَّا تُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 78 ] وأما البليات : حين قذف في النار ، والختان والأمر بذبح الولد ، وسقط سقطة حين دعا لأبيه ، وهو مشرك . وقال غيره لم يكذب ولم يخطىء ، ولم يسقط ، لأنه قال : { إِنّى سَقِيمٌ } يعني : سأسقم ، لأن كل آدمي سيصيبه السقم . وقوله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا } قَد قرنه بالشرط ، وهو قوله : { قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَاسْألُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } [ الأنبياء : 63 ] وقوله لسارة : هي أخته ، فكانت أخته في الدين وقوله : { هذا رَبّى } كان على وجه الاسترشاد لا للتحقيق . ويقال : كان ذلك القول على سبيل الإنكار والزجر . يعني : أمثل هذا ربي ، وأما دعاؤه لأبيه ، فعن وعدة وعدها إياه ، وقد بيّن الله تعالى بقوله : { وَمَا كَانَ استغفار إبراهيم لاًّبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إبراهيم لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } [ التوبة : 114 ] الآية . يعني : أن أباه وعده أنه سيؤمن ، فما دام حياً يرجو أو يدعو ، وإذا مات ضالاً ترك الاستغفار . ويقال : إن إبراهيم كان وعده أن يستغفر له حيث قال : { قَالَ سلام عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ ربي إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً } [ مريم : 47 ] ، فَاستغفر له ليكون منجزاً لوعده
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.