فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱغۡفِرۡ لِأَبِيٓ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (86)

{ من الضالين } من الحائرين عن الحق ، لعدم إقراره بالوحدانية .

{ واغفر لأبي إنه كان من الضالين } طلب الغفران لأبيه لحيرته وبعده عن الاهتداء حين قال له ما حكاه عنه القرآن في قوله : ) . . واهجرني مليا( {[6]} ، فظن إبراهيم أن هذه عدة أن يعلن إسلامه عما قليل ، لهذا استغفر له أول الأمر ، فلما علم أن أباه قد أصر على الشرك والوثنية نابذه وقومه العداء إلا أن يؤمنوا بالله الواحد رب الأرض والسماء ، وتابع إبراهيم التضرع إلى ربه أن يكرمه يوم يلقاه وأن لا ينقص درجته عن إخوانه النبيين والمرسلين ، يوم لا تنفع الأقوال ولا الأرحام ، ولا تغني الآباء عن الأبناء ) . . ولا مولود هو جاز عن والده شيئا . . ( {[7]} ، لكن من جاء ربه سبحانه وقد سلم باطنه من المروق والفسوق والشك والشرك ، ومن الأوصاف الذميمة فإن ربه يكرم مآبه ويجزل ثوابه ، فاللهم صل وسلم ، واجعل رحمتك وبركاتك على رسولك وخليلك أبينا إبراهيم الذي وفى ، ودعاك أن تجعلنا مسلمين ، وتبعث فينا خاتم النبيين ، يتلو علينا الآيات والحكمة ويزكينا بالكتاب المبين ، اللهم آمين .


[6]:- ما بين العارضتين من روح المعاني.
[7]:- قرأ نافع {محفوظ} بالرفع، أي قرآن محفوظ من التبديل والتغيير والزيادة والنقصان؛ ولا ينسخه شيء.