السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱغۡفِرۡ لِأَبِيٓ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (86)

ولما دعا لنفسه ثنى بأحق الخلق ببره بقوله : { واغفر لأبي } بالهداية والتوفيق إلى الإيمان لأنّ المغفرة مشروطة بالإيمان وطلب المشروط متضمن لطلب الشرط ، فقوله : { واغفر لأبي } كأنه دعاء له بالإيمان ، وقيل : إنّ أباه وعده بالإسلام لقوله تعالى : { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه } ( التوبة : 114 )

فدعا له قبل أن يتبين له أنه عدوّ لله كما سبق في سورة التوبة ، وقيل : إنّ أباه قال له : إنه على دينه باطناً وعلى دين نمروذ ظاهراً وتقيةً وخوفاً فدعا له لاعتقاده أنّ الأمر كذلك فلما تبين له خلاف ذلك تبرأ منه ، ولذلك قال في دعائه { إنه كان من الضالين } فلولا اعتقاده فيه أنه في الحال ليس بضالّ لما قال ذلك ، وقيل : إن الاستغفار للكفار لم يكن ممنوعاً إذ ذاك .