اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱغۡفِرۡ لِأَبِيٓ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (86)

قوله : { واغفر لأبي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضالين } . لما فرغ من طلب السعادات{[37411]} الدنيوية والأخروية لنفسه طلبها لأشد الناس التصاقاً به ، وهو أبوه ، وفيه وجهان :

الأول : أن المغفرة مشروطة بالإسلام ، وطلب المشروط متضمن لطلب الشرط ، فقوله «واغْفِر لأَبِي » كأنه دعاء له بالإسلام .

الثاني : أن أباه وعده بالإسلام لقوله : { وَمَا كَانَ استغفار إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَوْعِدَةٍ وعدها إِيَّاهُ } [ التوبة : 114 ] فدعا له قبل أن يتبين له ( أنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّه ){[37412]} ، كما سبق في سورة التوبة .

وقيل : إن أباه قال له : إنه على دينه باطناً وعلى دين نمروذ ظاهراً تقيَّة وخوفاً ، فدعا له لاعتقاده أن الأمر كذلك ، فلما تبين له خلاف ذلك تبرأ منه ولذلك قال في دعائه : { إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضالين } فلولا اعتقاده فيه أنه في الحال ليس بضال لما قال ذلك{[37413]} .


[37411]:في النسختين: السؤالات. والتصويب من الفخر الرازي.
[37412]:ما بين القوسين سقط من ب.
[37413]:انظر الفخر الرازي 24/150.