تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (44)

38

المفردات :

فأخذتهم الصاعقة : فأهلكتهم الصيحة ، أو نار تنزل بالاحتكاكات الكهربية .

التفسير :

43-44 : { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ } .

وفي قصة ثمود آية ، وكانت عاد تسكن في جنوب الجزيرة العربية ، وثمود تسكن في شمالها ، وكانوا يمرّون على مساكن ثمود في طريق تجارتهم إلى الشام ، وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود في طريقه إلى تبوك ، فلما رآها نظر إليها واستحث راحلته ، وانحنى على ظهرها ، وقال لأصحابه : " لا تمرّوا على قرى القوم الذين ظلموا أنفسهم ، إلا وأنتم مشفقون ، خشية أن يصيبكم ما أصابهم " 10

وقد تكررت قصة ثمود في عاد من سور القرآن الكريم ، وعادة تذكر بعد قصة عاد ، وقد ذكرت مستقلة في سورة الشمس ، حيث أرسل الله إليهم نبيه صالحا ، ومعه معجزة هي الناقة ، تشرب الماء في يوم ، وتحلب لهم لبنا يكفيهم أجمعين في يوم ثان ، لكنهم عَتَوْا عن أمر ربهم ، وأنذرهم صالح بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام ، وقال لهم : { تمتَّعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب } . ( هود : 65 ) .

وهذا معنى قوله : { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ } .

أي : قال لهم نبيهم : هناك مهلة ثلاثة أيام ثم يأتي عذاب مدمّر ، لكنّهم كذبوا نبيهم واستكبروا .

{ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ } .

عتوا : تكبروا ، أيْ تعالوا عن الاستجابة لما دعاهم إليه نبيهم صالح فأرسل الله عليهم صاعقة من السماء فأهلكتهم جميعا ، وهم ينظرون إليها .

وقال مجاهد :

وهم ينظرون : بمعنى : ينتظرون ، أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب ، وانتظار العذاب أشد من العذاب .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (44)

وقوله تعالى : { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ } يدل على أن العتو مؤخر ، وأجيب بأن هذا مرتب على تمام القصة كأنه قيل : وجعلنا في زمان قولنا ذلك لثمود آية أو وفي زمان قولنا ذلك لثمود آية ، ثم أخذ في بيان كونه آية فقيل . { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ } أي فاستكبروا عن الامتثال به إلى الآخر ، فالفاء للتفصيل قال في «الكشف » . وهو الظاهر من هذا المساق ، وكذلك قوله تعالى : { فتولى بِرُكْنِهِ } [ الذاريات : 39 ] مرتب على القصة زمان إرسال موسى عليه السلام بالسلطان ، وإن كان هناك لا مانع من الترتب على الإرسال وذلك لأنه جيء بالظرف مجيء الفضلة حيث جعل فيه الآية ، والقصة من توليهم إلا هلاكهم انتهى ، وقال الحسن : هذا أي القول لهم { تمتعوا حتى حين } [ الذاريات : 43 ] كان حين بعث إليهم صالح أمروا بالإيمان بما جاء به ، والتمتع إلى أن تأتي آجالهم ثم عتوا بعد ذلك قال في «البحر » ، ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عما أمروا به فهو مطابق لفظاً ووجوداً واختاره الإمام فقال . قال بعض المفسرين : المراد بالحين الأيام الثلاثة التي أمهلوها بعد عقر الناقة وهو ضعيف لأن ترتب فعتوا بالفاء دليل على أن العتو كان بعد القول المذكور ، فالظاهر أنه ما قدر الله تعالى من الآجال فما من أحد إلا وهو ممهل مدة الأجل كأنه يقول له . تمتع إلى آخر أجلك فإن أحسنت فقد حصل لك التمتع في الدارين وإلا فمالك في الآخرة من نصيب انتهى ، وما تقدم أبعد مغزى { فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة } أي أهلكتهم ، روي أن صالحاً عليه السلام وعدهم الهلاك بعد ثلاثة أيام ، وقال لهم : تصبح وجوهك غداً مصفرة . وبعد غد محمرة . واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب ، ولما رأوا الآيات التي بينها عليه السلام عمدوا إلى قتله فنجاه الله تعالى فذهب إلى أرض فلسطين ولما كان ضحوة اليوم الرابع تحنطوا وتكفنوا بالأنطاع فأتتهم الصاعقة وهي نار من السماء ، وقيل : صيحة منها فهلكوا ، وقرأ عمر . وعثمان رضي الله تعالى عنهما . والكسائي الصعقة وهي المرة من الصعق بمعنى الصاعقة أيضاً ، أو الصيحة { وَهُمْ يَنظُرُونَ } إليها ويعاينونها ويحتاج إلى تنزيل المسموع منزلة المبصر على القول بأن الصاعقة الصيحة وأن المراد ينظرون إليها ، وقال مجاهد : { يُنظَرُونَ } بمعنى ينتظرون أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب في تلك الأيام الثلاثة التي رأوا فيها علاماته وانتظار العذاب أشد من العذاب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (44)

{ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ } أي : الصيحة العظيمة المهلكة { وَهُمْ يَنْظُرُونَ } إلى عقوبتهم بأعينهم .