تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ} (10)

المفردات :

فلا تنهر : فلا تزجره ، وترفق به .

التفسير :

10- وأما السائل فلا تنهر .

ينبغي أن تردّ السائل بعطاء ولو كان قليلا ، أو ترده بكلمة طيبة دون أن تنهره أو تزجره ، وإذا جاء أحد يستفهم عن أمور الدين ، أو يستفهم منك في أيّ أمر من الأمور فلا ترده بالغلظة والجفوة ، وأجبه بالرفق واللين ، فإن إجابة السائل فرض على العالم على الكفاية .

وروى مالك ، وأحمد ، والبخاري في تاريخه ، عن أبي هارون العبدي قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول : مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقّهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا )iii .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ} (10)

{ وأما السائل } ذا الحاجة إلى مال أو علم{ فلا تنهر } فلا تزجره ولا تغلظ له القول ولا تعبس في وجهه ؛ بل اسعفه بمطلوبه ما استطعت . يقال : نهره وانتهر ، إذا استقبله بكلام يزجره .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ} (10)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ وأما السائل } يعني الفقير المسكين { فلا تنهر } لا تنهره إذا سألك فقد كنت فقيرا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وأما من سألك من ذي حاجة فلا تنهره ، ولكن أطعمه واقض له حاجته ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي كنت محتاجا فقيرا ، فعرفت محل الفقر والحاجة وشدة حاله { فلا تنهر } السائل ، أي لا تزجره ، ولكن أعطه ....

أحكام القرآن للجصاص 370 هـ :

فيه نهي عن إغلاظ القول له ؛ لأن الانتهار هو الزجر وإغلاظ القول ؛ [...] ؛ وهذا وإن كان خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد أُرِيد به جميع المكلفين . ...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

فالانتهار هو الصياح في وجه السائل الطالب للرفد...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أي : إمَّا أن تُعْطِيَه . . أو تَرُدَّه برِفْقٍ ، أو وعدٍ . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ وأما السائل } أي الذي أحوجته العيلة أو غيرها إلى السؤال { فلا تنهر } أي تزجر زجراً مهيناً ، فقد علمت مضاضة العيلة ، بل أعطه ولو قليلاً ، أو رده رداً جميلاً ، وكذا السائل في العلم . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وبمناسبة ما ذكره ربه بإيوائه من اليتم ، وهدايته من الحيرة وإغنائه من العيلة . . يوجهه ويوجه المسلمين من ورائه إلى رعاية كل يتيم ، وإلى كفاية كل سائل ، وإلى التحدث بنعمة الله الكبرى عليه ، وفي أولها : الهداية إلى هذا الدين :

( فأما اليتيم فلا تقهر . وأما السائل فلا تنهر . وأما بنعمة ربك فحدث ) . .

وهذه التوجيهات إلى إكرام اليتيم والنهي عن قهره وكسر خاطره وإذلاله ،

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

...وقد قوبلت النعم الثلاث المتفرع عليها هذا التفصيل بثلاثة أعمال تقابلها... فقوله : { فأما اليتيم فلا تقهر } مقابل لقوله : { ألم يجدك يتيماً فآوى } [ الضحى : 6 ] لا محالة ، أي فكما آواك ربك وحفظك من عوارض النقص المعتاد لليُتم ، فكن أنت مُكرماً للأيتام رفيقاً بهم ، فجمع ذلك في النهي عن قهره ، لأن أهل الجاهلية كانوا يقهرون الأيتام، ولأنه إذا نهى عن قهر اليتيم مع كثرة الأسباب لقهره لأن القهر قد يصدر من جراء القلق من مطالب حاجاته، فإن فلتات اللسان سريعة الحصول كما قال تعالى : { فلا تقل لهما أف } [ الإسراء : 23 ] وقال : { وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولاً ميسوراً } [ الإسراء : 28 ] .

والقهر : الغلبة والإذلال وهو المناسب هنا ، وتكون هذه المعاني بالفِعل كالدَّعّ والتحقير بالفعل وتكون بالقول قال تعالى : { وقولوا لهم قولاً معروفاً } [ النساء : 5 ] ، وتكون بالإِشارة مثل عُبوس الوجه ، فالقهر المنهي عنه هو القهر الذي لا يعامَل به غير اليتيم في مثل ذلك، فأما القهر لأجل الاستصلاح كضرب التأديب فهو من حقوق التربية قال تعالى : { وإن تخالطوهم فإخوانكم } [ البقرة : 220 ] .

وقوله : { وأما السائل فلا تنهر } مقابل قوله : { ووجدك ضالاً فهدى } [ الضحى : 7 ] لأن الضلال يستعدي السؤال عن الطريق ، فالضال معتبر من نصف السائلين ... فجعل الله الشكر عن هدايته إلى طريق الخير أن يوسع باله للسائلين . فلا يختص السائلُ بسائل العطاء بل يشمل كل سائل، وأعظم تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بإرشاد المسترشدين...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«نَهَرَ » بمعنى ردّ بخشونة ، ولا يستبعد أن تكون مشتركة في المعنى مع «نهر » الماء ، لأنّ النهر يدفع الماء بشدّة . وفي معنى «السائل » عدّة تفاسير . الأوّل : أنّه المتجه بالسؤال حول القضايا العلمية والعقائدية والدينية ، [...] والتّفسير الآخر : هو الفقير في المال والمتاع ،[...] والثّالث : أنّ المعنى يشمل الفقير علمياً والفقير مادياً ، والأمر بتلبية احتياجات السائل في المجالين ، وهذا المعنى يتناسب مع الهداية الإلهية لنبيّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومع إيوائه حين كان يتيماً .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ} (10)

{ وأما السائل فلا تنهر } فلا تزجره ولكن بذل يسير أو رد جميل واذكر فقرك

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ} (10)

الثالثة- قوله تعالى : " وأما السائل فلا تنهر " أي لا تزجره ، فهو نهى عن إغلاظ القول . ولكن رده ببذل يسير ، أو رد جميل ، واذكر فقرك ، قاله قتادة وغيره . وروي عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : [ لا يمنعن أحدكم السائل ، وأن يعطيه إذا سأل ، ولو رأى في يده قلبين{[16161]} من ذهب ] . وقال إبراهيم بن أدهم : نعم القوم السُّؤَّال : يحملون زادنا إلى الآخرة . وقال إبراهيم النخعي : السائل بريد الآخرة ، يجيء إلى باب أحدكم فيقول : هل تبعثون إلى أهليكم بشيء . وروي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : [ ردوا السائل ببذل يسير ، أو رد جميل ، فإنه يأتيكم من ليس من الإنس ولا من الجن ، ينظر كيف صنيعكم فيما خولكم اللّه ] . وقيل : المراد بالسائل هنا ، الذي يسأل عن الدين ، أي فلا تنهره بالغلظة والجفوة ، وأجبه برفق ولين . قاله سفيان . قال ابن العربي : وأما السائل عن الدين فجوابه فرض على العالم ، على الكفاية ، كإعطاء سائل البر سواء . وقد كان أبو الدرداء ينظر إلى أصحاب الحديث ، ويبسط رداءه لهم ، ويقول : مرحبا بأحبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . وفي حديث أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري{[16162]} ، قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد يقول : مرحبا بوصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : [ إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ] . وفي رواية [ يأتيكم رجال من قبل المشرق ] . . . فذكره . و " اليتيم " و " السائل " منصوبان بالفعل الذي بعده ، وحق المنصوب أن يكون بعد الفاء ، والتقدير : مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم ، ولا تنهر السائل . وروي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : ( سألت ربي مسألة وددت أني لم أسألها : قلت يا رب اتخذت إبراهيم خليلا ، وكلمت موسى تكليما ، وسخرت مع داود الجبال يسبحن ، وأعطيت فلانا كذا ، فقال عز وجل : ألم أجدك يتيما فآويتك ؟ ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟ ألم أشرح لك صدرك ؟ ألم أوتك ما لم أوت أحدا قبلك : خواتيم سورة البقرة ، ألم أتخذك خليلا ، كما اتخذت إبراهيم خليلا ؟ قلت : بلى يا رب )


[16161]:القلب (بضم وسكون): السوار.
[16162]:القائل هو أبو هارون العبدي.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ} (10)

ولما بدأ بما كان بداية له ، ثنى بما هو نهاية له من حيث كونه يصير رأس الخلق فيصير محط الرجال في كل سؤال من علم ومال ، فقال مقدماً له اهتماماً به إشارة إلى أن جبر الخواطر واستئلاف الخلق من أعظم المقاصد في تمام الدين : { وأما السائل } أي الذي أحوجته العيلة أو غيرها إلى السؤال { فلا تنهر * } أي تزجر زجراً مهيناً ، فقد علمت مضاضة العيلة ، بل أعطه ولو قليلاً ، أو رده رداً جميلاً ، وكذا السائل في العلم .