وأملي لهم : أمهلهم وأطيل لهم المدة ، يقال : أملى الله له ، أي : أطال له الملاوة ، وهي المدة من الزمن .
كيدي متين : تدبيري قويّ ، لا يفلت منه أحد .
أي : أمهملهم ولا أباغتهم جهرا ، بتأخير العذاب عنهم ، وأمنحهم كثيرا من النعم ليزدادوا إثما ، وهم يحسبون أن ذلك لإرادة الخير بهم .
إن تدبيري وعذابي لقويّ شديد ، لا يدفع بشيء ، فلا يفوتني أحد ولا يعجزني .
إن المعركة بين الله وبين هؤلاء الظالمين المعتدين ، والرّسل والهداة سبب ظاهريّ ، أما المسبب الحقيقي فهو الله ، ولا يغلب الله غالب ، وهذا إنذار رهيب للإنسان المسكين الذي يمثّل نملة صغيرة أمام قدرة الله القادرة ، إن هذه القدرة كانت وراء الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه في مكة ، وكانت أيضا وراءهم في المدينة حين أصبحت لهم دولة وقوة ، فقال تعالى لهم : فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . . . ( الأنفال : 17 ) .
ورد هذا المعنى في كتاب الله تعالى في نحو قوله سبحانه : أيحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنين* نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون . ( المؤمنون : 55 ، 56 ) .
وقوله تعالى : فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون . ( الأنعام : 44 ) .
أي : أؤخرهم وأنسئ في آجالهم ملاوة من الزمان على كفرهم وتمرّدهم عليّ ، لتتكامل حججي عليهم ، وإن كيدي لأهل الكفر لقوي شديدxiv .
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديدxv . ( هود : 102 ) .
قوله تعالى : " وأملي لهم " أي أمهلهم وأطيل لهم المدة . والملاوة{[15274]} : المدة من الدهر . وأملى الله له أي أطال له . والمَلَوان : الليل والنهار . وقيل : " وأملي لهم " أي لا أعاجلهم بالموت ، والمعنى واحد . وقد مضى في " الأعراف " بيان هذا{[15275]} . " إن كيدي متين " أي إن عذابي لقوي شديد فلا يفوتني أحد .
ولما كان الاستدراج يكون بأسباب كثيرة من بسط النعم وغيرها ، فأبرزه بالنون{[67719]} المشتركة بين الاستتباع والعظمة ، وكان تأخير الأجل لا يكون إلا لله وحده بغير واسطة شيء قال سبحانه : { وأملي } أي أوخر أنا وحدي في آجالهم و{[67720]}أوسع لهم{[67721]} في جميع تمتعهم{[67722]} ليزدادوا إثماً { لهم } لأنه لا يقدر على مد الأجل وترفيه العيش غيري .
ولما سلاه صلى الله عليه وسلم بهذا غاية التسلية ، علل أو استأنف في جواب من لعله يقول : لم يكون أحدهم على هذا الوجه ؟ مسمياً إنعامه كيداً : { إن كيدي } أي {[67723]}ستري لأسباب{[67724]} الهلاك عمن أريد{[67725]} إهلاكه وإبدائي {[67726]}ذلك له{[67727]} في ملابس الإحسان وخلع البر والامتنان { متين * } أي في غاية القوة حيث كان حاملاً للإنسان على إهلاك نفسه باختياره وسيعلم {[67728]}عند الأخذ أني{[67729]} لما{[67730]} أمهلته ما أهملته{[67731]} وأن إمهالي إنما كان استدراجاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.