تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47)

أدلة القدرة .

{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ( 47 ) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ( 48 ) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( 49 ) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ( 50 ) وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ( 51 ) } .

47

المفردات :

بأيد : بقوة .

لموسعون : لذو سعة بخلقها وخلق غيرها ، من الوسع بمعنى الطاقة والقدرة ، أي : لقادرون .

التفسير :

{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } .

لقد وسعت قدرة الله كلّ شيء ، فأبدع الكون على غير مثال سابق ، وبهذه القوة القادرة المبدعة ، رفع السماء سقفا مرفوعا ، ممتدا بلايين السنين ، دون أن يصيبه خلل أو تشقق .

" والآية الكريمة تشير إلى أن التوسعة مستمرة على الزمن ، وهو ما أثبته العلم الحديث ، وعرف بنظرية التمدد ، التي أصبحت حقيقة علمية في أوائل هذا القرن ، أشار إليها القرآن الذي أُنزل على النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم ، منذ أربعة عشر قرنا " 11 .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47)

{ والسماء بنيناها بأيد } أي ملتبسة بقوة وقدرة . يقال : آد الرجل يئيد – من باب باع – اشتد وقوى . { وإنا لموسعون } لقادرون ؛ من الوسع بمعنى الطاقة . يقال : أوسع الرجل ، أي صار ذا وسع ؛ كأوراق الشجر : أي يصار ذا ورق .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47)

قوله تعالى : " والسماء بنيناها بأيد " لما بين هذه الآيات قال : وفي السماء آيات وعبر تدل على أن الصانع قادر على الكمال ، فعطف أمر السماء على قصة قوم نوح لأنهما آيتان . ومعنى " بأيد " أي بقوة وقدرة . عن ابن عباس وغيره . " وإنا لموسعون " قال ابن عباس : لقادرون . وقيل : أي وإنا لذو سعة ، وبخلقها وخلق غيرها لا يضيق علينا شيء نريده . وقيل : أي وإنا لموسعون الرزق على خلقنا . عن ابن عباس أيضا . الحسن : وإنا لمطيقون . وعنه أيضا : وإنا لموسعون الرزق بالمطر . وقال الضحاك : أغنيناكم ، دليله : " على الموسع{[14256]} قدره " [ البقرة : 236 ] . وقال القتبي : ذو سعة على خلقنا . والمعنى متقارب . وقيل : جعلنا بينهما وبين الأرض سعة . الجوهري : وأوسع الرجل أي صار ذا سعة وغنى ، ومنه قوله تعالى : " والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون " أي أغنياء قادرون . فشمل جميع الأقوال .


[14256]:راجع جـ 3 ص 203.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47)

ولما كان إهلاكهم بالماء الذي نزل من السماء ، وطلع من الأرض بغير حساب ، كان ربما ظن ظان أن ذلك كان لخلل كان فيهما ، ثم أصلح بعد ذلك كما يقع لبعض من يصنع من الملوك صنعاً يبالغ في إتقانه فيختل{[61435]} ، قال عاطفاً على ما نصب " يوم " مبيناً{[61436]} أن فعل ذلك ما كان بالاختيار ، دالاًّ على وحدانيته لتمام القدرة-{[61437]} الدالة على ما تقدم من أمر البعث : { والسماء بنيناها } بما لنا من العظمة { بأيد } أي بقوة وشدة عظيمة لا يقدر قدرها . ولما كانت السماء أليق لعظمتها وطهارتها بصفات الإلهية ، قال ، وأكد لما يلزم إنكارهم البعث من الطعن في القدرة : { وإنا } على عظمتنا مع ذلك { لموسعون * } أي أغنياء وقادرون ذو سعة لا تتناهى ، أي قدرة ، من الوسع وهو اللطافة ، وكذلك أوسعنا مقدار جرمها وما فيها من الرزق عن أهلها فالأرض كلها على اتساعها كالنقطة في وسط دائرة السماء بما اقتضته صفة الإلهية التي لا يصح فيها الشركة أصلاً ، ومطيقون لما لا يحصى من أمثال ذلك ، ومما هو أعظم منه مما لا يتناهى ، ومحيطون بكل شيء قدرة وعلماً ، وجديرون وحقيقون بأن يكون ذلك من أوصافنا فنوصف به لما يشاهد لنا من القوة على كل ما نريد ، فلسنا كمن يعرفون من الملوك لأنهم إذا فعلوا لا يقدرون على أعظم منه وإن قدروا كان-{[61438]} ذلك منهم بكلفة ومشقة ، وسترون في اليوم الآخر ما يتلاشى وما تريدون في جنبه ، ومن اتساعنا جعلها بلا عمد مع ما هي عليه من العظمة إلى غير ذلك من الأمور الخارقة للعوائد :


[61435]:في الأصل: فيحيل.
[61436]:في الأصل: مبليا.
[61437]:زيد ولا بد منه.
[61438]:زيد ولا بد منه.