الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47)

قوله : { وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا } : العامة على النصب على الاشتغالِ ، وكذلك قولُه : { والأرضَ فَرَشْناها } والتقديرُ : وبَنَيْنا السماءَ بَنَيْناها . وقال أبو البقاء : " أي : ورفَعْنا السماءَ " فقدَّر الناصبَ مِنْ غير لفظ الظاهر ، وهذا إنما يُصار إليه عند تعذُّرِ التقديرِ الموافقِ لفظاً نحو : زيداً مررت به ، وزيداً ضربْتُ غلامَه . وأمَّا في نحو " زيداً ضربتُه " فلا يُقَدَّر : إلاَّ ضربْتُ زيداً . وقرأ أبو السَّمَّال وابن مقسم برفعِهما على الابتداء ، والخبرُ ما بعدهما . والنصبُ أرجحُ لعطفِ جملة الاشتغال على جملةٍ فعلية قبلَها .

قوله : { بِأَيْدٍ } يجوز أَنْ يتعلقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ . وفيها وجهان ، أحدهما : أنَّها حالٌ من فاعل " بَنَيْناها " أي : ملتبسين بقوةٍ : والثاني : أنها حالٌ مِنْ مفعولِه أي : ملتبسةً بقوةٍ . ويجوزُ أَنْ تكونَ الباءُ للسببِ أي : بسببِ قدرتِنا . ويجوزُ أَنْ تكون الباءُ مُعَدِّيَةً مجازاً ، على أن تجعلَ الأَيْدَ كالآلةِ المبنيِّ بها كقولك : بَنَيْتُ بيتَك بالآجُرِّ .

قوله : { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } يجوز أَنْ تكونَ الجملةُ حالاً مِنْ فاعل " بَنَيْناها " ، ويجوزُ أَنْ تكونَ حالاً من مفعوله ، ومفعول " مُوْسِعون " محذوفٌ أي : موسِعون بناءَها . ويجوزُ أَنْ لا يُقَدَّر له مفعولٌ ؛ لأنَّ معناه " لَقادِرون " ، مِنْ قولك : ما في وُسْعي كذا أي : ما في طاقتي وقوتي .