تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا} (21)

الخصال العشر التي تعالج طبع الإنسان

{ إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسّه الشّر جزوعا 20 وإذا مسّه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23 والذين في أموالهم حقّ معلوم 24 للسائل والمحروم 25 والذين يصدّقون بيوم الدين 26 والذين هم من عذاب ربهم مشفقون 27 إن عذاب ربهم غير مأمون 28 والذين هم لفروجهم حافظون 29 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 30 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 31 والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون 32 والذين هم بشهاداتهم قائمون 33 والذين هم على صلاتهم بهم يحافظون 34 أولئك في جنات مكرمون 35 }

المفردات :

هلوعا : كثير الجزع ، شديد الحرص .

جزوعا : كثير الجزع والأسى .

منوعا : كثير المنع والإمساك .

19

التفسير :

19 ، 20 ، 21- إن الإنسان خلق هلوعا* إذا مسّه الشّر جزوعا* وإذا مسّه الخير منوعا .

تلك صفات جبلّيّة فطرية في الإنسان ، أي الكافر أو أيّ إنسان لم يأنس قلبه بنور الإيمان ، من شأنه أن يتصف بالهلع ، وهو شدة الحرص وقلة الصبر ، فلا يصبر على بلاء ، ولا يشكر عل نعماء .

وإذا مسّه الشّر جزوعا .

أي : إذا أصابه الفقر أو المرض ، أو المصيبة في ماله أو زرعه ، أو أسرته أو منزله ، اشتدّ جزعه وحزنه وشكواه .

وإذا مسّه الخير منوعا .

وإذا جاء إليه المال أو الجاه ، أو السلطان أو العافية ، منع خيره عن الفقير واليتيم ، والأرملة والمصاب ، وبخل على غيره .

روى الإمام أحمد ، وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( شر ما في رجل شحّ هالع ، وجبن خالع )vii .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له )viii .

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا} (21)

قوله تعالى : " إن الإنسان خلق هلوعا " يعني الكافر ، عن الضحاك . والهلع في اللغة : أشد الحرص وأسوأ الجزع وأفحشه . وكذلك قال قتادة ومجاهد وغيرهما . وقد هلع ( بالكسر ) يهلع فهو هَلِيع وهلوع ، على التكثير . والمعنى أنه لا يصبر على خير ولا شر حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي . عكرمة : هو الضجور . الضحاك : هو الذي لا يشبع . والمنوع : هو الذي إذا أصاب المال منع منه حق الله تعالى . وقال ابن كيسان : خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويرضيه ، ويهرب مما يكرهه ويسخطه ، ثم تعبده الله بإنفاق ما يحب والصبر على ما يكره . وقال أبو عبيدة : الهلوع هو الذي إذا مسه الخير لم يشكر ، وإذا مسه الضر لم يصبر ، قاله ثعلب . وقال ثعلب أيضا : قد فسر الله الهلوع ، وهو الذي إذا ناله الشر أظهر شدة الجزع ، وإذا ناله الخير بخل به ومنعه الناس . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( شر ما أعطي العبد شُحٌّ هالِعٌ وجُبْنٌ خَالِعٌ ) . والعرب تقول : ناقة هلواعة وهلواع ، إذا كانت سريعة السير خفيفة . قال{[15358]} :

صكّاء ذِعْلِبة إذا استدبرتها *** حرج إذا استقبلتها هِلواع

الذِّعْلب والذِّعْلِبة الناقة السريعة . و " جزوعا " و " منوعا " نعتان لهلوع . على أن ينوي بهما التقديم قبل " إذا " . وقيل : هو خبر كان مضمرة .


[15358]:في اللسان مادة هلع: "وأنشد الباهلي للمسيب بن علس يصف ناقة شبهها بالنعامة" وذكر البيت. قال الباهلي: قوله "صكاء" شبهها بالنعامة، "ثم وصف النعامة بالصك وليس الصكاء من وصف الناقة".

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا} (21)

{ وإذا مسه } أي كذلك { الخير } أي هذا الجنس وهو ما يلائمه فيعينه من السعة في المال وغيره من أنواع الرزق { منوعاً * } أي مبالغاً في الإمساك عما يلزمه من الحقوق للانهماك في حب العاجل وقصور النظر عليه وقوفاً مع المحسوس لغلبة الجمود والبلادة ، وهذا الوصف ضد الإيمان ، لأنه نصفان{[68363]} : صبر وشكر .


[68363]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا يترتب.