فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا} (21)

{ إن الإنسان } أي الجنس عبر به لما له من الإنس لنفسه والرؤية لمحاسنها والنسيان لربه ولدينه { خلق هلوعا } قال في الصحاح الهلع في اللغة اشد الحرص وأسوأ الجزع وأفحشه ، يقال هلوع بالكسر فهو هلع وهلوع ، وقال عكرمة : هو الضجور ، وقال ابن عباس : هو الشر ، وقال الو احدي : والمفسرون يقولون تفسير الهلع ما بعده يعني قوله :

{ إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا } وبه قال ابن عباس أي إذا أصابه الفقر والحاجة أو المرض أو نحو ذلك فهو كثير الجزع ، وإذا أصابه الخير من الغنى والخصب والسعة ونحو ذلك فهو كثير المنع والإمساك ، وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلبا عن الهلع فقال قد فسره الله ، ولا يكون تفسير أبين من تفسيره وهو الذي إذا أصابه شر أظهر شدة الجزع وإذا مسه الخير بخل به ومنعه الناس .

والعرب تقول ناقة هلوع وهلواع إذا كانت سريعة السير خفيفته ، وقال أبو عبيدة الهلوع هو الذي إذا مسه الخير لم يشكر ، وإذا مسه الشر لم يصبر ، وانتصاب هلوعا وجزوعا ومنوعا على أنها أحوال مقدرة لأنه ليس متصفا بالصفات المذكورة وقت خلقه ولا وقت ولادته ، أو محققة لكونها طبائع جبل الإنسان عليها والظرفان معمولان لجزوعا ومنوعا .